You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سجلات الباحث 5

محاصر في الصندوق

محاصر في الصندوق

تحت وطأة الصمت الثقيل الذي يلف الغرفة المهجورة، كان رين أشبه بظلٍ يمشي في أروقة الموتى. الهواء كان كثيفًا، مشبعًا برائحة العفن والرطوبة، وكأن الزمان قد توقف هنا منذ قرون.

تحت وطأة الصمت الثقيل الذي يلف الغرفة المهجورة، كان رين أشبه بظلٍ يمشي في أروقة الموتى. الهواء كان كثيفًا، مشبعًا برائحة العفن والرطوبة، وكأن الزمان قد توقف هنا منذ قرون.

الأضواء الخافتة القادمة من النافذة المكسورة في الزاوية، كانت تتسرب عبر الغبار المعلق في الجو كأنها بصيص أمل ضائع وسط الظلام الذي يكاد يبتلع كل شيء. الجدران كانت متآكلة، محفورة بنقوش غير مفهومة، وكأنها حكايات من زمن غابر، تروي قصص أرواح عذبت ثم نُسيت.

 

 

“تبا… تبا… ما هذا الألم؟!” صرخ رين، وصدى صرخته ارتدّ في الغرفة، يتردد مع صرخات الأرواح الأخرى التي كانت تصرخ معه، كأنها تشاركه العذاب. عينيه اتسعتا، وكأنهما تنظران إلى هاوية لا نهاية لها، بينما جسده يغرق في دوامة من الألم، وداخله يشتعل بنارٍ لا تطفأ.

كانت قدماه تغوصان في الأرضية التي غطاها الرماد الأسود، وكأن كل شيء هنا احترق في زمن ما. ومع كل خطوة يخطوها، كان يسمع صوتًا خافتًا يتردد في أذنيه، كأنها أنفاس مكتومة لموتى غاضبين، حاضرين رغم غيابهم.

بعد دقائق من العمل المضني، انتهى من ابتكار أداة بدائية. “أظن أن هذا قد يفي بالغرض…” قال وهو يرفع الأداة في الهواء، ينظر إليها بعينين مليئتين بالتعب والأمل. “فأس المرآة… هاهاها!” ضحكة قصيرة مليئة بالسخرية، يعرف أن هذا قد يكون حله الوحيد الآن.

 

توقف قليلًا، عقله بدأ يتساءل عن كل شيء. “ثم مجددًا… كيف أستطيع التنفس إذا كانت مغلقة هكذا؟” قال، مشيرًا إلى الهواء الذي يملأ رئتيه، رغم انعدام أي مصدر واضح.

حين اقترب من الكتاب في وسط الغرفة فوق الجثث كانت عيناه مثبتتين على الكتاب. لم يكن مجرد كتاب؛ كان غريبًا، مغلفًا بجلدٍ داكن، مشدودٍ بإحكام، كأنما صُنع من لحم كائنات مجهولة. صفحاته مهترئة لكنها تحتفظ بهالة لا يمكن تجاهلها، كما لو أن الكتاب نفسه ينبض، حي بطريقة ما. تداخلت حوله نقوش غامضة على الأرضية، دوائر غريبة محفورة بدقة رهيبة، تثير في النفس شعورًا بالخطر والخطيئة.

 

 

قام بتمزيق الأقمشة بعناية، تمزيقًا دقيقًا، محولًا إياها إلى قطع مستطيلة طويلة وكأنها ضمادات عتيقة. كانت ملتصقة ببعضها البعض بشكل متماسك رغم الزمن الذي مر بها، كأنها تنتظر يومًا تستخدم فيه مجددًا. لفّ القطع حول يديه في البداية، اختبارًا لقوتها، ثم استعاد نفسه.

مد يده ببطء، كأن قوة غير مرئية تسحبه نحو الكتاب. أصابعه لامست الغلاف، وكان ملمسه باردًا، لكنه دافئ في اللحظة ذاتها، وكأنه يحيا تحت جلده. لم يكن رين يفكر، لم يكن يتحكم. كان كمن وقع في شراك سحر لا يدركه. وفي اللحظة التي أمسك فيها بالكتاب، اهتزت الغرفة، كأن الأرض نفسها تنبض، وكأن شيئًا استيقظ من سباته الطويل.

“تبا!” صرخ رين بغضب، يركل الشظايا المكسورة. “ظننت أنه سينجح…”

 

المكان الذي كان ينبض بهالة مريبة قبل لحظات بدا الآن فارغًا كأنه لم يكن موجودًا.

بدأت الهالة المظلمة تتسلل كدخان كثيف، تتصاعد من الكتاب وتنتشر في الغرفة كمرضٍ معدٍ. لم تكن مجرد ظلام، بل كانت مليئة بالكراهية، بالألم، بالانتقام. تدفقت كأنها روح شريرة تبحث عن فريسة. الرياح الباردة بدأت تدور حول رين، ولم تكن رياحًا طبيعية، بل كانت كأنفاسٍ جليدية، محملة بصوتٍ مرعب. صوت العويل كان يتصاعد من كل زاوية، كأن جدران الغرفة احتفظت بصرخات أرواح عذبت هنا، أرواح كانت تنتظر تلك اللحظة للانفجار.

 

 

“آه… هذا الهراء…!” صاح فجأة، غضب يشتعل داخله، يضرب بقبضته الجدار الأقرب إليه. “تبا لصاحب الصوت الملعون! إذا أمسكته… سوف أمزقه حرفيًا!”

الشرر الأرجواني بدأ يتوهج في الهواء، كأنه برق يأتي من عالم آخر، يتراقص حوله مثل شياطين تحوم حول فريستها. الهواء أصبح ثقيلاً، مليئًا بالطاقة المظلمة التي تشد على صدره، تجعل أنفاسه ثقيلة. الغرفة كانت تتحول إلى شيء آخر، إلى بوابة ربما، أو سجن أزلي يُغلق على كل من يقترب.

وقف هناك في وسط الغرفة، قطعة المرآة في يده وقطع الخشب في اليد الأخرى. ببطء ودقة، لف قطعتي الخشب حول جانبي المرآة، مع ترك بروز لرأس المرآة من الجانبين العلويين والرأس. ثم لفّ القماش الممزق بإحكام حول كل شيء، يديه تتحركان بمهارة تفوق حتى إدراكه، وكأنه كان يملك تلك المعرفة طوال الوقت، كأن العقل البشري يبتكر أدوات البقاء حتى في أكثر الظروف يأسًا.

 

تحت وطأة الصمت الثقيل الذي يلف الغرفة المهجورة، كان رين أشبه بظلٍ يمشي في أروقة الموتى. الهواء كان كثيفًا، مشبعًا برائحة العفن والرطوبة، وكأن الزمان قد توقف هنا منذ قرون.

ثم جاء الألم. لم يكن مجرد ألم جسدي كان ألمًا يسري في العظام، في الروح. كأن روحه تُسحب من جسده بالقوة، كأنما كان يتمزق من الداخل. تقوّس جسده بشدة، أطرافه ترتجف بلا سيطرة، بينما كان الكتاب لا يزال محكمًا بين يديه. بدا وكأنه جزء منه الآن، لا يستطيع التخلص منه، وكأنه استحوذ عليه.

تقدم نحو الحائط بخطوات ثابتة، أنفاسه كانت متسارعة، ويده تقبض على فأس المرآة بإحكام. رفع الأداة عالياً، مشدودًا بالتصميم على تحطيم هذا الحاجز الذي يقف بينه وبين الحرية. استجمع كل قوته في ضربة واحدة، وجه الفأس نحو الحائط بقوة.

 

 

“تبا… تبا… ما هذا الألم؟!” صرخ رين، وصدى صرخته ارتدّ في الغرفة، يتردد مع صرخات الأرواح الأخرى التي كانت تصرخ معه، كأنها تشاركه العذاب. عينيه اتسعتا، وكأنهما تنظران إلى هاوية لا نهاية لها، بينما جسده يغرق في دوامة من الألم، وداخله يشتعل بنارٍ لا تطفأ.

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

 

“إذا كانت هذه الغرفة محكمة الإغلاق بلا أبواب، فلا بد أن هناك طريقة لكسرها…” همس لنفسه وهو يسير بخطوات واثقة نحو الجانب الآخر من الغرفة، حيث كانت عدة أقمشة مهترئة معلقة كأنها بقايا من زمنٍ مضى. بدا أن هذه الأقمشة كانت شاهدة على كل من دخل هذا المكان، وشاهدت كل من حاول الهروب وفشل.

كان يصرخ من أعماق روحه، ليس فقط من الألم، بل من الرعب الذي بدأ يتسرب إلى قلبه. هذا لم يكن مجرد كتاب… كان مفتاحًا لشيء أعظم، لشيء لا يمكنه السيطرة عليه.

 

 

تقدم رين ببطء شديد نحو زاوية الغرفة التي كانت تحتضن تلك المرآة الفاخرة المكسورة، انعكاساته المتشظية في شظايا الزجاج بدت كأنها أرواح محطمة، كل جزء منها يعكس جزءًا من نفسه المشتت. نظر إلى تلك المرآة المدمرة بعينيه المثقلتين، وكان يشعر وكأنها ترمز إلى حاله. التقط قطعة كبيرة من الزجاج الحاد بيده، وكأن إحساس الزجاج البارد في يده أيقظ داخله إحساسًا جديدًا بالتحرك. ربما يكون هذا الحل الوحيد المتبقي له.

بعد لحظات من المقاومة المرهقة، انهار جسد رين تحت وطأة الألم والقوى الغامضة التي اجتاحته. لم يكن عقله قادرًا على تحمّل ما حدث، فغرق في ظلام عميق. بدا وكأن الزمن نفسه قد تلاشى في هذا الفراغ الموحش، لم تعد هناك حدود للوقت أو المكان. كان رين يطفو في دوامة من اللاوعي، محاصرًا بين حدود الحياة والموت، حيث لا وجود للألم أو الراحة. فقط ظلام صامت.

لكن الصوت الذي تبعه لم يكن الصوت الذي توقعه. لم يكن هناك خشب يتطاير، لم يكن هناك انفراج في الحائط. فقط صوت انكسار، وشظايا زجاجية تتناثر في الهواء. نظر رين إلى يده، كانت المرآة قد تحطمت بالكامل، تاركة شظايا زجاجية على الأرض.

 

 

ثم، ببطء شديد، وكأنه يسحب نفسه من عمق بئر لا نهاية له، بدأ يفتح عينيه. ضوء باهت، شاحب، كالضوء الذي يسبق الشروق في يوم عاصف، تسلل إلى عينيه. شعر بجسده المثقل وكأنه قد عاد من معركة طويلة ضد قوى تفوق قدراته. حدق في السقف المتهالك فوقه، الغبار لا يزال معلقًا في الهواء كأنه أشباح تنتظر.

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

 

 

تلمس الأرض الباردة بيديه وهو يحاول رفع نفسه ببطء، عضلاته تؤلمه وكأنها لم تتحرك منذ دهور. تنهد بتعب، ثم ألقى نظرة حوله. كانت الغرفة كما هي… تلك الجدران المتآكلة، الأرضية المغطاة بالغبار والرماد، والهواء المحمّل برائحة العفن والموت. هذا لم يكن حلمًا إذًا.

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

 

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

“لم يكن حلم إذًا…” همس رين بصوت منخفض، يتردد في الغرفة الخالية. بدأت ذكريات اللحظات الأخيرة تعود إليه بوضوح. الهالة المظلمة، الصرخات، الألم الذي مزق روحه. كل شيء كان حقيقيًا، أكثر حقيقية مما كان يريد تصديقه.

 

 

تقدم نحو الحائط بخطوات ثابتة، أنفاسه كانت متسارعة، ويده تقبض على فأس المرآة بإحكام. رفع الأداة عالياً، مشدودًا بالتصميم على تحطيم هذا الحاجز الذي يقف بينه وبين الحرية. استجمع كل قوته في ضربة واحدة، وجه الفأس نحو الحائط بقوة.

“تبا لذلك الكتاب المهترئ…” تمتم وهو يمرر يده على رأسه، يحاول السيطرة على أفكاره المتشابكة. “لقد ظننت أني سأموت هناك… لقد كان شعورًا لا يحتمل.”

تقدم نحو الحائط بخطوات ثابتة، أنفاسه كانت متسارعة، ويده تقبض على فأس المرآة بإحكام. رفع الأداة عالياً، مشدودًا بالتصميم على تحطيم هذا الحاجز الذي يقف بينه وبين الحرية. استجمع كل قوته في ضربة واحدة، وجه الفأس نحو الحائط بقوة.

 

 

نظره انجذب فجأة نحو مركز الغرفة، المكان الذي كان يحتل فيه الكتاب المشؤوم مكانه. حدّق طويلًا، لكن الكتاب لم يكن هناك. حتا الجثث قد.إختفت كان المكان فارغًا

“تبا!” صرخ رين بغضب، يركل الشظايا المكسورة. “ظننت أنه سينجح…”

 

 

 

 

المكان الذي كان ينبض بهالة مريبة قبل لحظات بدا الآن فارغًا كأنه لم يكن موجودًا.

نظر إلى الجدران من حوله، تلك الجدران التي بدت وكأنها تسخر منه في صمت. “كل ما علي فعله الآن هو كسر ذاك الجدار…” قال بثقة، وهو يحدق في أحد الجدران. كان هذا الجدار مختلفًا قليلاً، بدا مصنوعًا من خشب قديم، ضعيف مقارنة بالجدران الأخرى.

 

بدأت الهالة المظلمة تتسلل كدخان كثيف، تتصاعد من الكتاب وتنتشر في الغرفة كمرضٍ معدٍ. لم تكن مجرد ظلام، بل كانت مليئة بالكراهية، بالألم، بالانتقام. تدفقت كأنها روح شريرة تبحث عن فريسة. الرياح الباردة بدأت تدور حول رين، ولم تكن رياحًا طبيعية، بل كانت كأنفاسٍ جليدية، محملة بصوتٍ مرعب. صوت العويل كان يتصاعد من كل زاوية، كأن جدران الغرفة احتفظت بصرخات أرواح عذبت هنا، أرواح كانت تنتظر تلك اللحظة للانفجار.

“هاه؟ لقد اختفى… كيف؟” قال بصوت متردد، عينيه مفتوحتان على اتساعهما. اقترب من المنصة الحجرية، تحسس المكان الفارغ، وكأنه كان يتوقع أن يجد أثراً، شيئًا يدل على ما حدث. “هل يمكن أن يكون قد اندمج معي؟ أم أنه احترق؟”

بعد لحظات من المقاومة المرهقة، انهار جسد رين تحت وطأة الألم والقوى الغامضة التي اجتاحته. لم يكن عقله قادرًا على تحمّل ما حدث، فغرق في ظلام عميق. بدا وكأن الزمن نفسه قد تلاشى في هذا الفراغ الموحش، لم تعد هناك حدود للوقت أو المكان. كان رين يطفو في دوامة من اللاوعي، محاصرًا بين حدود الحياة والموت، حيث لا وجود للألم أو الراحة. فقط ظلام صامت.

 

“هاه؟ لقد اختفى… كيف؟” قال بصوت متردد، عينيه مفتوحتان على اتساعهما. اقترب من المنصة الحجرية، تحسس المكان الفارغ، وكأنه كان يتوقع أن يجد أثراً، شيئًا يدل على ما حدث. “هل يمكن أن يكون قد اندمج معي؟ أم أنه احترق؟”

بدأ عقله يغوص في كل الاحتمالات المقلقة. ربما الكتاب انتقل بفعل سحرٍ غريب، أو ربما انفصل عن هذا العالم إلى مكان آخر لا يستطيع إدراكه. “لا أستطيع أن أكون متأكدًا من أي شيء…” قال بصوت يائس. “هذا المكان محاط بالجنون والفوضى… ومن المستحيل أن أحكم عليه بأي ذرة من المنطق.”

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

 

نظر إلى الجدران من حوله، تلك الجدران التي بدت وكأنها تسخر منه في صمت. “كل ما علي فعله الآن هو كسر ذاك الجدار…” قال بثقة، وهو يحدق في أحد الجدران. كان هذا الجدار مختلفًا قليلاً، بدا مصنوعًا من خشب قديم، ضعيف مقارنة بالجدران الأخرى.

رفع يديه، مشدودًا بين شعور الرعب والارتباك. لكنه أدرك أن هناك شيئًا أهم الآن. “هذا لا يهم الآن…” قال بصوت عميق، أكثر تركيزًا. “الأولوية الآن هي الخروج من هذه الغرفة الملعونة.”

“لم يكن حلم إذًا…” همس رين بصوت منخفض، يتردد في الغرفة الخالية. بدأت ذكريات اللحظات الأخيرة تعود إليه بوضوح. الهالة المظلمة، الصرخات، الألم الذي مزق روحه. كل شيء كان حقيقيًا، أكثر حقيقية مما كان يريد تصديقه.

 

 

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

قام بتمزيق الأقمشة بعناية، تمزيقًا دقيقًا، محولًا إياها إلى قطع مستطيلة طويلة وكأنها ضمادات عتيقة. كانت ملتصقة ببعضها البعض بشكل متماسك رغم الزمن الذي مر بها، كأنها تنتظر يومًا تستخدم فيه مجددًا. لفّ القطع حول يديه في البداية، اختبارًا لقوتها، ثم استعاد نفسه.

 

توقف قليلًا، عقله بدأ يتساءل عن كل شيء. “ثم مجددًا… كيف أستطيع التنفس إذا كانت مغلقة هكذا؟” قال، مشيرًا إلى الهواء الذي يملأ رئتيه، رغم انعدام أي مصدر واضح.

توقف قليلًا، عقله بدأ يتساءل عن كل شيء. “ثم مجددًا… كيف أستطيع التنفس إذا كانت مغلقة هكذا؟” قال، مشيرًا إلى الهواء الذي يملأ رئتيه، رغم انعدام أي مصدر واضح.

 

 

 

“آه… هذا الهراء…!” صاح فجأة، غضب يشتعل داخله، يضرب بقبضته الجدار الأقرب إليه. “تبا لصاحب الصوت الملعون! إذا أمسكته… سوف أمزقه حرفيًا!”

ثم جاء الألم. لم يكن مجرد ألم جسدي كان ألمًا يسري في العظام، في الروح. كأن روحه تُسحب من جسده بالقوة، كأنما كان يتمزق من الداخل. تقوّس جسده بشدة، أطرافه ترتجف بلا سيطرة، بينما كان الكتاب لا يزال محكمًا بين يديه. بدا وكأنه جزء منه الآن، لا يستطيع التخلص منه، وكأنه استحوذ عليه.

 

بدأت الهالة المظلمة تتسلل كدخان كثيف، تتصاعد من الكتاب وتنتشر في الغرفة كمرضٍ معدٍ. لم تكن مجرد ظلام، بل كانت مليئة بالكراهية، بالألم، بالانتقام. تدفقت كأنها روح شريرة تبحث عن فريسة. الرياح الباردة بدأت تدور حول رين، ولم تكن رياحًا طبيعية، بل كانت كأنفاسٍ جليدية، محملة بصوتٍ مرعب. صوت العويل كان يتصاعد من كل زاوية، كأن جدران الغرفة احتفظت بصرخات أرواح عذبت هنا، أرواح كانت تنتظر تلك اللحظة للانفجار.

كان جسده يرتجف بالغضب، ودماؤه تغلي تحت جلده. كيف جرؤ ذاك الصوت على خداعه؟ كيف سقط في هذه الفخاخ دون أن يدرك ما كان يحدث؟

كانت قدماه تغوصان في الأرضية التي غطاها الرماد الأسود، وكأن كل شيء هنا احترق في زمن ما. ومع كل خطوة يخطوها، كان يسمع صوتًا خافتًا يتردد في أذنيه، كأنها أنفاس مكتومة لموتى غاضبين، حاضرين رغم غيابهم.

 

“هاه؟ لقد اختفى… كيف؟” قال بصوت متردد، عينيه مفتوحتان على اتساعهما. اقترب من المنصة الحجرية، تحسس المكان الفارغ، وكأنه كان يتوقع أن يجد أثراً، شيئًا يدل على ما حدث. “هل يمكن أن يكون قد اندمج معي؟ أم أنه احترق؟”

تقدم رين ببطء شديد نحو زاوية الغرفة التي كانت تحتضن تلك المرآة الفاخرة المكسورة، انعكاساته المتشظية في شظايا الزجاج بدت كأنها أرواح محطمة، كل جزء منها يعكس جزءًا من نفسه المشتت. نظر إلى تلك المرآة المدمرة بعينيه المثقلتين، وكان يشعر وكأنها ترمز إلى حاله. التقط قطعة كبيرة من الزجاج الحاد بيده، وكأن إحساس الزجاج البارد في يده أيقظ داخله إحساسًا جديدًا بالتحرك. ربما يكون هذا الحل الوحيد المتبقي له.

“هاه؟ لقد اختفى… كيف؟” قال بصوت متردد، عينيه مفتوحتان على اتساعهما. اقترب من المنصة الحجرية، تحسس المكان الفارغ، وكأنه كان يتوقع أن يجد أثراً، شيئًا يدل على ما حدث. “هل يمكن أن يكون قد اندمج معي؟ أم أنه احترق؟”

 

 

“إذا كانت هذه الغرفة محكمة الإغلاق بلا أبواب، فلا بد أن هناك طريقة لكسرها…” همس لنفسه وهو يسير بخطوات واثقة نحو الجانب الآخر من الغرفة، حيث كانت عدة أقمشة مهترئة معلقة كأنها بقايا من زمنٍ مضى. بدا أن هذه الأقمشة كانت شاهدة على كل من دخل هذا المكان، وشاهدت كل من حاول الهروب وفشل.

بدأت الهالة المظلمة تتسلل كدخان كثيف، تتصاعد من الكتاب وتنتشر في الغرفة كمرضٍ معدٍ. لم تكن مجرد ظلام، بل كانت مليئة بالكراهية، بالألم، بالانتقام. تدفقت كأنها روح شريرة تبحث عن فريسة. الرياح الباردة بدأت تدور حول رين، ولم تكن رياحًا طبيعية، بل كانت كأنفاسٍ جليدية، محملة بصوتٍ مرعب. صوت العويل كان يتصاعد من كل زاوية، كأن جدران الغرفة احتفظت بصرخات أرواح عذبت هنا، أرواح كانت تنتظر تلك اللحظة للانفجار.

 

 

قام بتمزيق الأقمشة بعناية، تمزيقًا دقيقًا، محولًا إياها إلى قطع مستطيلة طويلة وكأنها ضمادات عتيقة. كانت ملتصقة ببعضها البعض بشكل متماسك رغم الزمن الذي مر بها، كأنها تنتظر يومًا تستخدم فيه مجددًا. لفّ القطع حول يديه في البداية، اختبارًا لقوتها، ثم استعاد نفسه.

كان يصرخ من أعماق روحه، ليس فقط من الألم، بل من الرعب الذي بدأ يتسرب إلى قلبه. هذا لم يكن مجرد كتاب… كان مفتاحًا لشيء أعظم، لشيء لا يمكنه السيطرة عليه.

 

 

مشى بخطوات حذرة إلى ركن آخر من الغرفة، حيث كان هناك كرسي خشبي مكسور، يبدو وكأنه مرَّ عليه مئات السنين من العطب. قام بفك بعض القطع الخشبية التي كانت لا تزال صالحة، وكانت هذه القطع هي كل ما لديه الآن ليصنع شيئًا من لا شيء.

 

 

رفع يديه، مشدودًا بين شعور الرعب والارتباك. لكنه أدرك أن هناك شيئًا أهم الآن. “هذا لا يهم الآن…” قال بصوت عميق، أكثر تركيزًا. “الأولوية الآن هي الخروج من هذه الغرفة الملعونة.”

وقف هناك في وسط الغرفة، قطعة المرآة في يده وقطع الخشب في اليد الأخرى. ببطء ودقة، لف قطعتي الخشب حول جانبي المرآة، مع ترك بروز لرأس المرآة من الجانبين العلويين والرأس. ثم لفّ القماش الممزق بإحكام حول كل شيء، يديه تتحركان بمهارة تفوق حتى إدراكه، وكأنه كان يملك تلك المعرفة طوال الوقت، كأن العقل البشري يبتكر أدوات البقاء حتى في أكثر الظروف يأسًا.

“لم يكن حلم إذًا…” همس رين بصوت منخفض، يتردد في الغرفة الخالية. بدأت ذكريات اللحظات الأخيرة تعود إليه بوضوح. الهالة المظلمة، الصرخات، الألم الذي مزق روحه. كل شيء كان حقيقيًا، أكثر حقيقية مما كان يريد تصديقه.

 

بعد لحظات من المقاومة المرهقة، انهار جسد رين تحت وطأة الألم والقوى الغامضة التي اجتاحته. لم يكن عقله قادرًا على تحمّل ما حدث، فغرق في ظلام عميق. بدا وكأن الزمن نفسه قد تلاشى في هذا الفراغ الموحش، لم تعد هناك حدود للوقت أو المكان. كان رين يطفو في دوامة من اللاوعي، محاصرًا بين حدود الحياة والموت، حيث لا وجود للألم أو الراحة. فقط ظلام صامت.

بعد دقائق من العمل المضني، انتهى من ابتكار أداة بدائية. “أظن أن هذا قد يفي بالغرض…” قال وهو يرفع الأداة في الهواء، ينظر إليها بعينين مليئتين بالتعب والأمل. “فأس المرآة… هاهاها!” ضحكة قصيرة مليئة بالسخرية، يعرف أن هذا قد يكون حله الوحيد الآن.

 

 

ثم، ببطء شديد، وكأنه يسحب نفسه من عمق بئر لا نهاية له، بدأ يفتح عينيه. ضوء باهت، شاحب، كالضوء الذي يسبق الشروق في يوم عاصف، تسلل إلى عينيه. شعر بجسده المثقل وكأنه قد عاد من معركة طويلة ضد قوى تفوق قدراته. حدق في السقف المتهالك فوقه، الغبار لا يزال معلقًا في الهواء كأنه أشباح تنتظر.

نظر إلى الجدران من حوله، تلك الجدران التي بدت وكأنها تسخر منه في صمت. “كل ما علي فعله الآن هو كسر ذاك الجدار…” قال بثقة، وهو يحدق في أحد الجدران. كان هذا الجدار مختلفًا قليلاً، بدا مصنوعًا من خشب قديم، ضعيف مقارنة بالجدران الأخرى.

ثم، ببطء شديد، وكأنه يسحب نفسه من عمق بئر لا نهاية له، بدأ يفتح عينيه. ضوء باهت، شاحب، كالضوء الذي يسبق الشروق في يوم عاصف، تسلل إلى عينيه. شعر بجسده المثقل وكأنه قد عاد من معركة طويلة ضد قوى تفوق قدراته. حدق في السقف المتهالك فوقه، الغبار لا يزال معلقًا في الهواء كأنه أشباح تنتظر.

 

 

تقدم نحو الحائط بخطوات ثابتة، أنفاسه كانت متسارعة، ويده تقبض على فأس المرآة بإحكام. رفع الأداة عالياً، مشدودًا بالتصميم على تحطيم هذا الحاجز الذي يقف بينه وبين الحرية. استجمع كل قوته في ضربة واحدة، وجه الفأس نحو الحائط بقوة.

نظر حوله مرة أخرى، في محاولة يائسة لفهم هندسة هذا المكان. كان يبدو كأنه صندوق عملاق مغلق من كل الجهات، لا توجد أي نوافذ، ولا حتى مخرج. “مهلًا… هل يمكنني حتى أن أطلق عليها غرفة؟” تساءل بتهكم. “عمليًا، لا توجد أبواب ولا نوافذ… إنها أشبه بصندوق مغلق.”

 

مشى بخطوات حذرة إلى ركن آخر من الغرفة، حيث كان هناك كرسي خشبي مكسور، يبدو وكأنه مرَّ عليه مئات السنين من العطب. قام بفك بعض القطع الخشبية التي كانت لا تزال صالحة، وكانت هذه القطع هي كل ما لديه الآن ليصنع شيئًا من لا شيء.

“صوت تكسير!”

 

 

تلمس الأرض الباردة بيديه وهو يحاول رفع نفسه ببطء، عضلاته تؤلمه وكأنها لم تتحرك منذ دهور. تنهد بتعب، ثم ألقى نظرة حوله. كانت الغرفة كما هي… تلك الجدران المتآكلة، الأرضية المغطاة بالغبار والرماد، والهواء المحمّل برائحة العفن والموت. هذا لم يكن حلمًا إذًا.

لكن الصوت الذي تبعه لم يكن الصوت الذي توقعه. لم يكن هناك خشب يتطاير، لم يكن هناك انفراج في الحائط. فقط صوت انكسار، وشظايا زجاجية تتناثر في الهواء. نظر رين إلى يده، كانت المرآة قد تحطمت بالكامل، تاركة شظايا زجاجية على الأرض.

ثم، ببطء شديد، وكأنه يسحب نفسه من عمق بئر لا نهاية له، بدأ يفتح عينيه. ضوء باهت، شاحب، كالضوء الذي يسبق الشروق في يوم عاصف، تسلل إلى عينيه. شعر بجسده المثقل وكأنه قد عاد من معركة طويلة ضد قوى تفوق قدراته. حدق في السقف المتهالك فوقه، الغبار لا يزال معلقًا في الهواء كأنه أشباح تنتظر.

 

“تبا… تبا… ما هذا الألم؟!” صرخ رين، وصدى صرخته ارتدّ في الغرفة، يتردد مع صرخات الأرواح الأخرى التي كانت تصرخ معه، كأنها تشاركه العذاب. عينيه اتسعتا، وكأنهما تنظران إلى هاوية لا نهاية لها، بينما جسده يغرق في دوامة من الألم، وداخله يشتعل بنارٍ لا تطفأ.

“تبا!” صرخ رين بغضب، يركل الشظايا المكسورة. “ظننت أنه سينجح…”

 

 

ثم جاء الألم. لم يكن مجرد ألم جسدي كان ألمًا يسري في العظام، في الروح. كأن روحه تُسحب من جسده بالقوة، كأنما كان يتمزق من الداخل. تقوّس جسده بشدة، أطرافه ترتجف بلا سيطرة، بينما كان الكتاب لا يزال محكمًا بين يديه. بدا وكأنه جزء منه الآن، لا يستطيع التخلص منه، وكأنه استحوذ عليه.

 

 

 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط