You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سجلات الباحث 3

الظل يتحرك

الظل يتحرك

على المكتب المتناثر بالأدوات الغامضة والمخطوطات القديمة، جلست الصانعة العظمى لقاعة “الظل”، ترتدي عباءة داكنة مزخرفة بالرموز السحرية، وهي تحدق بعمق في شعلة الشمعة المرتجفة أمامها. أفكارها ثقيلة بالمسؤولية التي أُلقيت على عاتقها. “الأمير الثالث قادم؟ الآن، في هذا الزمن؟ في حياتي حتى؟” تمتمت بتنهيدة ثقيلة، أصابعها النحيلة تتشابك وتتفرق ببطء على سطح المكتب الخشبي المعتق. نظرت إلى السماء عبر النافذة الوحيدة في الغرفة، حيث بدت النجوم وكأنها عيون حية تراقبها، تتوسل إليها أن تنجح في مهمتها.

لم يكن هذا وقتاً للتردد أو الخوف. كان الوقت الآن لتثبت براعتها، لتظهر أنها ما زالت تستحق لقب “الصانعة العظمى”. كان عليها أن تُنشئ شبيهًا فريداً، ذو قوة ومهارة قادرتين على مساعدتهم في المهمة القادمة، مهمة تغير مصير القاعة وربما العالم بأسره. أحضرت الطوابق العظمى لفن الصنع، التي تحتوي على بطاقات من المعرفة المخبأة، كل بطاقة منها تمتلك طاقة فريدة قادرة على استحضار قوى غامضة. كان على البطاقات أن تُدمج معًا بحذر، كل واحدة منها تسحب من الأخرى قوتها لتُشكِل كياناً جديداً.

وضعت سبيكة من “كيان الظل” – وهي مادة نادرة وقابلة للتشكيل، تلتقط الضوء وتمتصه، وتعكسه في الوقت ذاته بطريقة متناقضة وسحرية – في مركز نجمة سباعية منقوشة على سطح المكتب، كل زاوية منها مزينة برموز قديمة تمثل العوالم السبعة التي تتداخل في الفنون السرية.

بدأت تسحب البطاقات من الطوابق، يدها تهتز قليلاً ولكن بإصرار. “القدر المقلوب”، أول بطاقة سحبتها من الوسط، رمزاً للبدء من نقطة جديدة، مليئة بالغموض والاحتمالات غير المتوقعة. ثم، “المطرقة المشتعلة” من الطابق الصغير للظلال، أداة لصياغة وتشكيل القوة الكامنة في المادة. تابعت بسحب بطاقات من طابق الهمسات، التي كانت تهمس بأسرار دفينة، لتعطي للشبيه روحاً ووعياً، وهدفاً في عقله. البطاقات تتوالى واحدة تلو الأخرى، بعضها يُحرق كقرابين، تُحيل إلى رماد يتطاير فوق النجمة السباعية، بينما تستمر البطاقات الأخرى في التراص بحذر في المواقع المحددة.

كانت تحرك البطاقات وتبادلها، كل مرة تضيف بطاقة جديدة تزداد تعقيداً وجمالاً، إلى أن اكتمل التكوين أخيرًا. كل بطاقة كانت في مكانها المثالي، تشع بطاقة خفية تكاد تُرى، حتى أن سبيكة “ستيل الظل” بدأت تتوهج بلون أرجواني عميق، كما لو كانت تستجيب للنداء السري للرموز والبطاقات من حولها.

ثم جاء الوقت لاختيار المكون الرئيسي، العنصر الذي سيربط كل هذه الطاقات معاً ويمنح الحياة للكيان الجديد. نظرت إلى البطاقات الثلاث التي بقيت، مسترخية على حافة النجمة السباعية:

*قرص مكسور،* رمز القوة المهشمة التي يمكن أن تولد من جديد.

*سيف مثني،* إشارة إلى المرونة والحكمة في استخدام القوة.

*وحامل ضوء قديم مكسور،* رمز لنهاية الضوء وبداية الظل.

وقفت للحظة، تتأمل، ثم ابتسمت كما لو كانت تفهم شيئاً خفياً. “بالطبع، الضوء المكسور.” أدركت أن هذا هو الخيار الأمثل. سحبت البطاقة ببطء، وتدرسها بعناية، ترى فيها القوة القادرة على إخفاء نوايا القاعة عن أعين المتطفلين.

ألقت البطاقة بحركة سلسة إلى داخل النجمة السباعية. اهتزت الغرفة قليلاً مع انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة، وبدأت السبيكة تتوهج بنار وردية زاهية، تنتشر الحرارة الباردة في الغرفة كما لو أن الزمن نفسه قد تجمد للحظة. أغلقت النجمة السباعية، والضوء الخافت في الغرفة تضاءل حتى أصبحت الجدران بالكاد مرئية.

ببطء، دفعت الصانعة كرسيها الخشبي إلى الخلف، ووضعت أنبوبها بين شفتيها، وأشعلت ناراً صغيرة، لتملأ الهواء برائحة التبغ الحلو. كانت تعلم أن العملية ستستغرق وقتاً، ولا يمكنها إلا أن تنتظر. صوت الرنين المعدني كان يتردد في الهواء، والرموز الغامضة بدأت تظهر على سطح السبيكة، تحفر نفسها كما لو كانت بيد غير مرئية.

بدأ الشكل المخروطي يتكون من قلب النار الزاهية، والبطاقات التي تدور حولها كما لو كانت تحيي الجرس العائم، الذي بدأ بالظهور، يتلألأ بلمعة غريبة، كما لو كان يتنفس الحياة للمرة الأولى. نظرت إليه بابتسامة، عيناها مليئتان بالفخر والحنين إلى الماضي، إلى الأيام التي كانت تعمل فيها مع معلمها الراحل، الذي علمها كل ما تعرفه.

“أهلاً بك، أيها الصغير.” همست وهي تتفحص الكيان الجديد. لم يكن الجرس بعد مدركًا لما هو أو من هي سيدته، كان فقط يطفو، بلا وعي، بلا هدف، منتظرًا التعليمات الأولى.

ثم، وبينما كانت تستعد لتأخذ نفساً آخر من أنبوبها، وقع نظرها على الساعة العتيقة المعلقة على الجدار.

“يا للشيطان!” صاحت وهي تقف بسرعة، الألم في ركبتيها يذكرها بسنواتها الطويلة. “لقد تأخرت!”

بسرعة، وبتعبيرات تنم عن العجلة، فتحت بوابة في الهواء، كانت مظلمة ومتلألئة بظلال غريبة، ثم أمسكت بالجرس وألقته بلا تردد عبرها. الشبيه الجديد أصدر صوت “بلورب!” مميز بينما اختفى في الباب

في بُعد جيب من الظلام الدامس، اجتمع مجلس الظلال الخمسة عند مذبح حجري قديم وسط صمت مهيب، يناقشون الأحداث الأخيرة التي هزت أركان عالمهم السري. امتدت ظلالهم الداكنة من مواقعهم المختلفة، تلتف حول الأعمدة المتآكلة، حيث يجتمعون بوساطة قوى غامضة، تمكنهم من التحدث كما لو كانوا مجتمعين جسديًا.

قال أحدهم، بصوت خافت لكنه محمل بالدهشة: “هل حقًا تمكن من استعادته؟ مباشرة من رفوف المكتبة؟”

رد الآخر، بنبرة تحمل مزيجًا من الدهشة والرهبة: “نعم، حتى من القبو المحروس بإحكام… إذن، نحن نمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، أليس كذلك؟”

زعيم المجلس، الشيخ الأظلم “مالكور”، نقر بظلّه العميق على المذبح، قاطعًا نقاش تابعيه بصوت مهيب. “نعم. الآن، إذا سمحتم لي أن أنهي كلامي. سنمضي في هذه المهمة… وسنستخدم *الهومونكولوس* لتحقيق هدفنا.”

تقدم أحد الظلال، المسمى بـ “ثاديوس”، معترضًا: “الهومونكولوس!؟ ألا تعتقد أنه من الأفضل الاعتماد على… تعرف… أحد أعضائنا الفعليين لتنفيذ هذه المهمة؟”

تقدم ظل آخر، يُدعى “سيلاس”، بنبرة حادة وغاضبة: “هل تقترح إرسال عضو؟ ونحن بالفعل في موقف حرج مع المكتبة؟ عندما أصبحت أسماؤنا جميعًا على القائمة السوداء لديهم؟ لا يمكننا حتى الحصول على بطاقة مكتبة بعد الآن! هل يمكنك تصور العواقب إذا تم كشف أمرنا؟ لا يمكننا تحمل حرب مع أمناء المكتبة في هذا التوقيت.”

تدخل ظل آخر، يُعرف باسم “مورجان”، بنبرة ساخرة: “مع كل الاحترام… تبًا لأمناء المكتبة.”

رد عليه “ثاديوس” بغضب مكبوت: “أخلاقك لا تُحتمل، مورجان!”

رفع “سيلاس” صوته، متحديًا: “هل تريد القتال، مورجان؟”

عندها نقر “مالكور” على المذبح مرة أخرى، مهددًا بصوته الذي يشبه الرعد الصامت: “جدالكم هذا سيصيبني بالصداع. لن أتردد في طردكما من هذه الغرفة المظلمة إذا لم تتوقفا وتستمعا.”

انخفضت الظلال وتوقفوا، تاركين القائد يكمل حديثه. “والآن، لدينا كتاب الظلال بين أيدينا. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا نسخة مزيفة. العديد من علماءنا العظماء يعملون حاليًا على تأكيد أصالته. إن الوقت ينفد، ويجب أن نتصرف بسرعة.”

“بالضبط، ولهذا السبب يجب أن نرسل عضوًا!” قال “ثاديوس” بإصرار.

لكن “مالكور” رد عليه بحزم: “ثاديوس، أدرك مدى قوة موقفك من هذا، لكن قراري نهائي. سيذهب الهومونكولوس. سيلاس على حق. نحن لسنا في وضع يسمح لنا بمواجهة أمناء المكتبة، لأننا سنضطر إلى ذلك عاجلًا أم آجلًا بعد أن سرقنا كتابهم. الوقت ينفد.”

اقترب “مالكور” من المذبح أكثر، مضيفًا حضورًا غامضًا كثيفًا. “لقد طلبت بالفعل من رئيسة الحرفيين العظمى، “سيرافينا”، مساعدتها في هذا الأمر. لذلك! أفضل ألا نبدأ حربك الصغيرة حتى نحصل على الأمير الثالث، نعم؟”

تقلص ظل “ثاديوس” متراجعًا، وقال بصوت متردد: “نعم، يا صاحب الجلالة.”

أومأ “مالكور” برأسه واستأنف حديثه بسرعة: “سيذهب الهومونكولوس. مدة حياته في العالم الخارجي قصيرة، لذا إذا تم القبض عليه من قبل السجان، فإنه سيتلاشى ببساطة إلى الظلال خلال أسبوع. يمكننا أيضًا إنكار أي تورط لنا، حيث لم يأخذ أي من أعضائنا الكتاب. نحن نعلم أن أمناء المكتبة يراقبوننا عن كثب. أي شيء نرسله يجب أن يكون غير مهم تمامًا وقابل للتضحية في حال وقوع شيء ما.”

في تلك اللحظة، شعر جميع الظلال الخمسة بوجود شيء يراقبهم. عند قاعدة المذبح، ظهر كائن قصير القامة، مصنوع من لحم مشوه وكتلة من الظلام، يرتدي عباءة سوداء تغطيه بالكامل. كانت عين واحدة ضخمة تبرز من تحت العباءة، وفي يديه الصغيرتين كان يمسك كتاب الظلال بقوة.

وقف “مالكور” للحظة، وأصدر صوتًا خافتًا أشبه بتنقية حلقه، رغم أن جسده الفعلي كان في أقاصي العوالم الأخرى. ظل المجلس صامتًا، وتركوا لحظة الحرج تخيم عليهم كضباب كثيف. لم يكن “مالكور” متأكدًا من المدة التي كان فيها الهومونكولوس واقفًا تحتهم يستمع، لكنه كان أول من خاطبه: “ساي. يبدو أن العلماء قد أطلقوك مبكرًا، لكننا نرسلك مرة أخرى.”

ساي، الكائن الهزيل ذو الأطراف الأخطبوطية والعيون الثمانية، والذي لم يكن يبلغ حتى سنتين من العمر، وقف أمام المجلس وقال بصوت يشوبه الولاء والتهكم: “هل نفذت سموك من الظلال ‘غير المهمة والقابلة للتضحية’؟ هل بدأت المؤامرة بالانحراف؟ بالانحراف بالانحراف؟ أنا جاهز للخدمة مجددًا. نعم، نعم!”

ابتسم “مالكور” برضا خلف قناع الظلام، وأومأ برأسه مجددًا: “أنا سعيد لأنك مستعد، لكن هذه المرة لن نرسلك إلى المكتبة. مؤامرتنا ووضعنا الحالي يتطلبان إرسال شخص إلى المكان الذي نقل إليه السجان الأمير الثالث مؤخرًا. عليك أن تعيده إلينا.”

توقف “مالكور” عمدًا، ليجعل أوامره واضحة للجميع، ليس فقط لساي، ولكن أيضًا لبقية تابعيه لفهم حتمية قراره. “لإعادة الأمير الثالث، ستحتاج إلى استخدام الكتاب الذي في يديك. إلقاء تعويذة بسيطة من كتاب الظلال يجب أن يكون كافيًا لنا لسحبه من سجنه. ستتلقى أيضًا مساعدة إضافية. “إيفون”، إذا سمحتِ.”

تقدمت “إيفون”، الظل الأنثوي الرشيق، بانسيابية، ورغم أن ظلها لم يكن يحمل ملامح وجهها، إلا أن “ساي” شعر بقسوتها المخفية تتسرب من أعماق كندا. “إيفون”، ساحرة الظلال العظمى، مدت إصبعها الطويل ولمست الأرض حيث كان يقف “ساي”. “أعطيك ظلك الخاص لتأخذه معك. في الخارج، سيتضاءل جوهر الظلام الذي يمنحك الحياة بسرعة.”

وأضافت “إيفون” بصوت صارم: “وجود ظلك الخاص سيمنع تسرب قوتك الحياتية، لكنه سيتقلص مع كل استخدام للسحر من الكتاب، أو إذا تعرضت للأذى. بمجرد أن يختفي، سيكون من الصعب علينا إبقاؤك على قيد الحياة.”

مالت “إيفون” نحو “ساي” للتأكيد على خطورة الموقف. “لا مجال للأخطاء.”

شاهد “مالكور” تحركات “إيفون” بينما عادت إلى المذبح، ثم أومأ إلى “سيلاس”، تلميذ رئيسة الحرفيين العظمى، ليكمل حديثه.

“ساي، رئيسة الحرفيين العظمى قد منحتك شبيهًا يجب أن يصل قريبًا.”

قبل أن ينهي جملته، اخترق مخروط معدني مظلم ظل “ساي”، وتوقف عند مستوى رأسه. أصدر صوت رنين معدني ناعم ملأ المكان بصدى خافت.

تابع “سيلاس” بابتسامة مغمورة في الظلال: “شبيه يمكنك التحكم في أفعاله، ويمكنك أيضًا استخدامه لتشويش الإدراك والذكريات لدى من حولك. أعتقد أن السجانين يطلقون عليه اسم ‘المضاد للذاكرة’.”

أومأ “مالكور” للمرة الأخيرة. “شكرًا لكم. ساي، لديك أوامرك الآن.

 

على المكتب المتناثر بالأدوات الغامضة والمخطوطات القديمة، جلست الصانعة العظمى لقاعة “الظل”، ترتدي عباءة داكنة مزخرفة بالرموز السحرية، وهي تحدق بعمق في شعلة الشمعة المرتجفة أمامها. أفكارها ثقيلة بالمسؤولية التي أُلقيت على عاتقها. “الأمير الثالث قادم؟ الآن، في هذا الزمن؟ في حياتي حتى؟” تمتمت بتنهيدة ثقيلة، أصابعها النحيلة تتشابك وتتفرق ببطء على سطح المكتب الخشبي المعتق. نظرت إلى السماء عبر النافذة الوحيدة في الغرفة، حيث بدت النجوم وكأنها عيون حية تراقبها، تتوسل إليها أن تنجح في مهمتها. لم يكن هذا وقتاً للتردد أو الخوف. كان الوقت الآن لتثبت براعتها، لتظهر أنها ما زالت تستحق لقب “الصانعة العظمى”. كان عليها أن تُنشئ شبيهًا فريداً، ذو قوة ومهارة قادرتين على مساعدتهم في المهمة القادمة، مهمة تغير مصير القاعة وربما العالم بأسره. أحضرت الطوابق العظمى لفن الصنع، التي تحتوي على بطاقات من المعرفة المخبأة، كل بطاقة منها تمتلك طاقة فريدة قادرة على استحضار قوى غامضة. كان على البطاقات أن تُدمج معًا بحذر، كل واحدة منها تسحب من الأخرى قوتها لتُشكِل كياناً جديداً. وضعت سبيكة من “كيان الظل” – وهي مادة نادرة وقابلة للتشكيل، تلتقط الضوء وتمتصه، وتعكسه في الوقت ذاته بطريقة متناقضة وسحرية – في مركز نجمة سباعية منقوشة على سطح المكتب، كل زاوية منها مزينة برموز قديمة تمثل العوالم السبعة التي تتداخل في الفنون السرية. بدأت تسحب البطاقات من الطوابق، يدها تهتز قليلاً ولكن بإصرار. “القدر المقلوب”، أول بطاقة سحبتها من الوسط، رمزاً للبدء من نقطة جديدة، مليئة بالغموض والاحتمالات غير المتوقعة. ثم، “المطرقة المشتعلة” من الطابق الصغير للظلال، أداة لصياغة وتشكيل القوة الكامنة في المادة. تابعت بسحب بطاقات من طابق الهمسات، التي كانت تهمس بأسرار دفينة، لتعطي للشبيه روحاً ووعياً، وهدفاً في عقله. البطاقات تتوالى واحدة تلو الأخرى، بعضها يُحرق كقرابين، تُحيل إلى رماد يتطاير فوق النجمة السباعية، بينما تستمر البطاقات الأخرى في التراص بحذر في المواقع المحددة. كانت تحرك البطاقات وتبادلها، كل مرة تضيف بطاقة جديدة تزداد تعقيداً وجمالاً، إلى أن اكتمل التكوين أخيرًا. كل بطاقة كانت في مكانها المثالي، تشع بطاقة خفية تكاد تُرى، حتى أن سبيكة “ستيل الظل” بدأت تتوهج بلون أرجواني عميق، كما لو كانت تستجيب للنداء السري للرموز والبطاقات من حولها. ثم جاء الوقت لاختيار المكون الرئيسي، العنصر الذي سيربط كل هذه الطاقات معاً ويمنح الحياة للكيان الجديد. نظرت إلى البطاقات الثلاث التي بقيت، مسترخية على حافة النجمة السباعية: *قرص مكسور،* رمز القوة المهشمة التي يمكن أن تولد من جديد. *سيف مثني،* إشارة إلى المرونة والحكمة في استخدام القوة. *وحامل ضوء قديم مكسور،* رمز لنهاية الضوء وبداية الظل. وقفت للحظة، تتأمل، ثم ابتسمت كما لو كانت تفهم شيئاً خفياً. “بالطبع، الضوء المكسور.” أدركت أن هذا هو الخيار الأمثل. سحبت البطاقة ببطء، وتدرسها بعناية، ترى فيها القوة القادرة على إخفاء نوايا القاعة عن أعين المتطفلين. ألقت البطاقة بحركة سلسة إلى داخل النجمة السباعية. اهتزت الغرفة قليلاً مع انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة، وبدأت السبيكة تتوهج بنار وردية زاهية، تنتشر الحرارة الباردة في الغرفة كما لو أن الزمن نفسه قد تجمد للحظة. أغلقت النجمة السباعية، والضوء الخافت في الغرفة تضاءل حتى أصبحت الجدران بالكاد مرئية. ببطء، دفعت الصانعة كرسيها الخشبي إلى الخلف، ووضعت أنبوبها بين شفتيها، وأشعلت ناراً صغيرة، لتملأ الهواء برائحة التبغ الحلو. كانت تعلم أن العملية ستستغرق وقتاً، ولا يمكنها إلا أن تنتظر. صوت الرنين المعدني كان يتردد في الهواء، والرموز الغامضة بدأت تظهر على سطح السبيكة، تحفر نفسها كما لو كانت بيد غير مرئية. بدأ الشكل المخروطي يتكون من قلب النار الزاهية، والبطاقات التي تدور حولها كما لو كانت تحيي الجرس العائم، الذي بدأ بالظهور، يتلألأ بلمعة غريبة، كما لو كان يتنفس الحياة للمرة الأولى. نظرت إليه بابتسامة، عيناها مليئتان بالفخر والحنين إلى الماضي، إلى الأيام التي كانت تعمل فيها مع معلمها الراحل، الذي علمها كل ما تعرفه. “أهلاً بك، أيها الصغير.” همست وهي تتفحص الكيان الجديد. لم يكن الجرس بعد مدركًا لما هو أو من هي سيدته، كان فقط يطفو، بلا وعي، بلا هدف، منتظرًا التعليمات الأولى. ثم، وبينما كانت تستعد لتأخذ نفساً آخر من أنبوبها، وقع نظرها على الساعة العتيقة المعلقة على الجدار. “يا للشيطان!” صاحت وهي تقف بسرعة، الألم في ركبتيها يذكرها بسنواتها الطويلة. “لقد تأخرت!” بسرعة، وبتعبيرات تنم عن العجلة، فتحت بوابة في الهواء، كانت مظلمة ومتلألئة بظلال غريبة، ثم أمسكت بالجرس وألقته بلا تردد عبرها. الشبيه الجديد أصدر صوت “بلورب!” مميز بينما اختفى في الباب في بُعد جيب من الظلام الدامس، اجتمع مجلس الظلال الخمسة عند مذبح حجري قديم وسط صمت مهيب، يناقشون الأحداث الأخيرة التي هزت أركان عالمهم السري. امتدت ظلالهم الداكنة من مواقعهم المختلفة، تلتف حول الأعمدة المتآكلة، حيث يجتمعون بوساطة قوى غامضة، تمكنهم من التحدث كما لو كانوا مجتمعين جسديًا. قال أحدهم، بصوت خافت لكنه محمل بالدهشة: “هل حقًا تمكن من استعادته؟ مباشرة من رفوف المكتبة؟” رد الآخر، بنبرة تحمل مزيجًا من الدهشة والرهبة: “نعم، حتى من القبو المحروس بإحكام… إذن، نحن نمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، أليس كذلك؟” زعيم المجلس، الشيخ الأظلم “مالكور”، نقر بظلّه العميق على المذبح، قاطعًا نقاش تابعيه بصوت مهيب. “نعم. الآن، إذا سمحتم لي أن أنهي كلامي. سنمضي في هذه المهمة… وسنستخدم *الهومونكولوس* لتحقيق هدفنا.” تقدم أحد الظلال، المسمى بـ “ثاديوس”، معترضًا: “الهومونكولوس!؟ ألا تعتقد أنه من الأفضل الاعتماد على… تعرف… أحد أعضائنا الفعليين لتنفيذ هذه المهمة؟” تقدم ظل آخر، يُدعى “سيلاس”، بنبرة حادة وغاضبة: “هل تقترح إرسال عضو؟ ونحن بالفعل في موقف حرج مع المكتبة؟ عندما أصبحت أسماؤنا جميعًا على القائمة السوداء لديهم؟ لا يمكننا حتى الحصول على بطاقة مكتبة بعد الآن! هل يمكنك تصور العواقب إذا تم كشف أمرنا؟ لا يمكننا تحمل حرب مع أمناء المكتبة في هذا التوقيت.” تدخل ظل آخر، يُعرف باسم “مورجان”، بنبرة ساخرة: “مع كل الاحترام… تبًا لأمناء المكتبة.” رد عليه “ثاديوس” بغضب مكبوت: “أخلاقك لا تُحتمل، مورجان!” رفع “سيلاس” صوته، متحديًا: “هل تريد القتال، مورجان؟” عندها نقر “مالكور” على المذبح مرة أخرى، مهددًا بصوته الذي يشبه الرعد الصامت: “جدالكم هذا سيصيبني بالصداع. لن أتردد في طردكما من هذه الغرفة المظلمة إذا لم تتوقفا وتستمعا.” انخفضت الظلال وتوقفوا، تاركين القائد يكمل حديثه. “والآن، لدينا كتاب الظلال بين أيدينا. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا نسخة مزيفة. العديد من علماءنا العظماء يعملون حاليًا على تأكيد أصالته. إن الوقت ينفد، ويجب أن نتصرف بسرعة.” “بالضبط، ولهذا السبب يجب أن نرسل عضوًا!” قال “ثاديوس” بإصرار. لكن “مالكور” رد عليه بحزم: “ثاديوس، أدرك مدى قوة موقفك من هذا، لكن قراري نهائي. سيذهب الهومونكولوس. سيلاس على حق. نحن لسنا في وضع يسمح لنا بمواجهة أمناء المكتبة، لأننا سنضطر إلى ذلك عاجلًا أم آجلًا بعد أن سرقنا كتابهم. الوقت ينفد.” اقترب “مالكور” من المذبح أكثر، مضيفًا حضورًا غامضًا كثيفًا. “لقد طلبت بالفعل من رئيسة الحرفيين العظمى، “سيرافينا”، مساعدتها في هذا الأمر. لذلك! أفضل ألا نبدأ حربك الصغيرة حتى نحصل على الأمير الثالث، نعم؟” تقلص ظل “ثاديوس” متراجعًا، وقال بصوت متردد: “نعم، يا صاحب الجلالة.” أومأ “مالكور” برأسه واستأنف حديثه بسرعة: “سيذهب الهومونكولوس. مدة حياته في العالم الخارجي قصيرة، لذا إذا تم القبض عليه من قبل السجان، فإنه سيتلاشى ببساطة إلى الظلال خلال أسبوع. يمكننا أيضًا إنكار أي تورط لنا، حيث لم يأخذ أي من أعضائنا الكتاب. نحن نعلم أن أمناء المكتبة يراقبوننا عن كثب. أي شيء نرسله يجب أن يكون غير مهم تمامًا وقابل للتضحية في حال وقوع شيء ما.” في تلك اللحظة، شعر جميع الظلال الخمسة بوجود شيء يراقبهم. عند قاعدة المذبح، ظهر كائن قصير القامة، مصنوع من لحم مشوه وكتلة من الظلام، يرتدي عباءة سوداء تغطيه بالكامل. كانت عين واحدة ضخمة تبرز من تحت العباءة، وفي يديه الصغيرتين كان يمسك كتاب الظلال بقوة. وقف “مالكور” للحظة، وأصدر صوتًا خافتًا أشبه بتنقية حلقه، رغم أن جسده الفعلي كان في أقاصي العوالم الأخرى. ظل المجلس صامتًا، وتركوا لحظة الحرج تخيم عليهم كضباب كثيف. لم يكن “مالكور” متأكدًا من المدة التي كان فيها الهومونكولوس واقفًا تحتهم يستمع، لكنه كان أول من خاطبه: “ساي. يبدو أن العلماء قد أطلقوك مبكرًا، لكننا نرسلك مرة أخرى.” ساي، الكائن الهزيل ذو الأطراف الأخطبوطية والعيون الثمانية، والذي لم يكن يبلغ حتى سنتين من العمر، وقف أمام المجلس وقال بصوت يشوبه الولاء والتهكم: “هل نفذت سموك من الظلال ‘غير المهمة والقابلة للتضحية’؟ هل بدأت المؤامرة بالانحراف؟ بالانحراف بالانحراف؟ أنا جاهز للخدمة مجددًا. نعم، نعم!” ابتسم “مالكور” برضا خلف قناع الظلام، وأومأ برأسه مجددًا: “أنا سعيد لأنك مستعد، لكن هذه المرة لن نرسلك إلى المكتبة. مؤامرتنا ووضعنا الحالي يتطلبان إرسال شخص إلى المكان الذي نقل إليه السجان الأمير الثالث مؤخرًا. عليك أن تعيده إلينا.” توقف “مالكور” عمدًا، ليجعل أوامره واضحة للجميع، ليس فقط لساي، ولكن أيضًا لبقية تابعيه لفهم حتمية قراره. “لإعادة الأمير الثالث، ستحتاج إلى استخدام الكتاب الذي في يديك. إلقاء تعويذة بسيطة من كتاب الظلال يجب أن يكون كافيًا لنا لسحبه من سجنه. ستتلقى أيضًا مساعدة إضافية. “إيفون”، إذا سمحتِ.” تقدمت “إيفون”، الظل الأنثوي الرشيق، بانسيابية، ورغم أن ظلها لم يكن يحمل ملامح وجهها، إلا أن “ساي” شعر بقسوتها المخفية تتسرب من أعماق كندا. “إيفون”، ساحرة الظلال العظمى، مدت إصبعها الطويل ولمست الأرض حيث كان يقف “ساي”. “أعطيك ظلك الخاص لتأخذه معك. في الخارج، سيتضاءل جوهر الظلام الذي يمنحك الحياة بسرعة.” وأضافت “إيفون” بصوت صارم: “وجود ظلك الخاص سيمنع تسرب قوتك الحياتية، لكنه سيتقلص مع كل استخدام للسحر من الكتاب، أو إذا تعرضت للأذى. بمجرد أن يختفي، سيكون من الصعب علينا إبقاؤك على قيد الحياة.” مالت “إيفون” نحو “ساي” للتأكيد على خطورة الموقف. “لا مجال للأخطاء.” شاهد “مالكور” تحركات “إيفون” بينما عادت إلى المذبح، ثم أومأ إلى “سيلاس”، تلميذ رئيسة الحرفيين العظمى، ليكمل حديثه. “ساي، رئيسة الحرفيين العظمى قد منحتك شبيهًا يجب أن يصل قريبًا.” قبل أن ينهي جملته، اخترق مخروط معدني مظلم ظل “ساي”، وتوقف عند مستوى رأسه. أصدر صوت رنين معدني ناعم ملأ المكان بصدى خافت. تابع “سيلاس” بابتسامة مغمورة في الظلال: “شبيه يمكنك التحكم في أفعاله، ويمكنك أيضًا استخدامه لتشويش الإدراك والذكريات لدى من حولك. أعتقد أن السجانين يطلقون عليه اسم ‘المضاد للذاكرة’.” أومأ “مالكور” للمرة الأخيرة. “شكرًا لكم. ساي، لديك أوامرك الآن.  

” وقف “ساي” بوقار، غير متأكد مما يجب أن يقول أو كيف يرد على تكليفه بمهمة أخرى قد تكون انتحارية لأي عضو آخر في مجلس الظلال.

 

” وقف “ساي” بوقار، غير متأكد مما يجب أن يقول أو كيف يرد على تكليفه بمهمة أخرى قد تكون انتحارية لأي عضو آخر في مجلس الظلال.  

“سنرسلك الآن إلى سجن السجان في إنديانا، بأقرب مكان يمكننا تحديده. سيحملك الظلام بقدر ما نستطيع الوصول. من هناك يمكنك الظهور من أي زاوية مظلمة في المنطقة. نأمل أن تنال بركات الأمير الثالث…” جمع “مالكور”، “سيلاس”، “إيفون”، و”مورجان” أيديهم في خشوع، واستدعوا طريقًا باستخدام ظل “ساي” الجديد، الذي سرعان ما ابتلع صاحبه. “…في الظلام.”

على المكتب المتناثر بالأدوات الغامضة والمخطوطات القديمة، جلست الصانعة العظمى لقاعة “الظل”، ترتدي عباءة داكنة مزخرفة بالرموز السحرية، وهي تحدق بعمق في شعلة الشمعة المرتجفة أمامها. أفكارها ثقيلة بالمسؤولية التي أُلقيت على عاتقها. “الأمير الثالث قادم؟ الآن، في هذا الزمن؟ في حياتي حتى؟” تمتمت بتنهيدة ثقيلة، أصابعها النحيلة تتشابك وتتفرق ببطء على سطح المكتب الخشبي المعتق. نظرت إلى السماء عبر النافذة الوحيدة في الغرفة، حيث بدت النجوم وكأنها عيون حية تراقبها، تتوسل إليها أن تنجح في مهمتها. لم يكن هذا وقتاً للتردد أو الخوف. كان الوقت الآن لتثبت براعتها، لتظهر أنها ما زالت تستحق لقب “الصانعة العظمى”. كان عليها أن تُنشئ شبيهًا فريداً، ذو قوة ومهارة قادرتين على مساعدتهم في المهمة القادمة، مهمة تغير مصير القاعة وربما العالم بأسره. أحضرت الطوابق العظمى لفن الصنع، التي تحتوي على بطاقات من المعرفة المخبأة، كل بطاقة منها تمتلك طاقة فريدة قادرة على استحضار قوى غامضة. كان على البطاقات أن تُدمج معًا بحذر، كل واحدة منها تسحب من الأخرى قوتها لتُشكِل كياناً جديداً. وضعت سبيكة من “كيان الظل” – وهي مادة نادرة وقابلة للتشكيل، تلتقط الضوء وتمتصه، وتعكسه في الوقت ذاته بطريقة متناقضة وسحرية – في مركز نجمة سباعية منقوشة على سطح المكتب، كل زاوية منها مزينة برموز قديمة تمثل العوالم السبعة التي تتداخل في الفنون السرية. بدأت تسحب البطاقات من الطوابق، يدها تهتز قليلاً ولكن بإصرار. “القدر المقلوب”، أول بطاقة سحبتها من الوسط، رمزاً للبدء من نقطة جديدة، مليئة بالغموض والاحتمالات غير المتوقعة. ثم، “المطرقة المشتعلة” من الطابق الصغير للظلال، أداة لصياغة وتشكيل القوة الكامنة في المادة. تابعت بسحب بطاقات من طابق الهمسات، التي كانت تهمس بأسرار دفينة، لتعطي للشبيه روحاً ووعياً، وهدفاً في عقله. البطاقات تتوالى واحدة تلو الأخرى، بعضها يُحرق كقرابين، تُحيل إلى رماد يتطاير فوق النجمة السباعية، بينما تستمر البطاقات الأخرى في التراص بحذر في المواقع المحددة. كانت تحرك البطاقات وتبادلها، كل مرة تضيف بطاقة جديدة تزداد تعقيداً وجمالاً، إلى أن اكتمل التكوين أخيرًا. كل بطاقة كانت في مكانها المثالي، تشع بطاقة خفية تكاد تُرى، حتى أن سبيكة “ستيل الظل” بدأت تتوهج بلون أرجواني عميق، كما لو كانت تستجيب للنداء السري للرموز والبطاقات من حولها. ثم جاء الوقت لاختيار المكون الرئيسي، العنصر الذي سيربط كل هذه الطاقات معاً ويمنح الحياة للكيان الجديد. نظرت إلى البطاقات الثلاث التي بقيت، مسترخية على حافة النجمة السباعية: *قرص مكسور،* رمز القوة المهشمة التي يمكن أن تولد من جديد. *سيف مثني،* إشارة إلى المرونة والحكمة في استخدام القوة. *وحامل ضوء قديم مكسور،* رمز لنهاية الضوء وبداية الظل. وقفت للحظة، تتأمل، ثم ابتسمت كما لو كانت تفهم شيئاً خفياً. “بالطبع، الضوء المكسور.” أدركت أن هذا هو الخيار الأمثل. سحبت البطاقة ببطء، وتدرسها بعناية، ترى فيها القوة القادرة على إخفاء نوايا القاعة عن أعين المتطفلين. ألقت البطاقة بحركة سلسة إلى داخل النجمة السباعية. اهتزت الغرفة قليلاً مع انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة، وبدأت السبيكة تتوهج بنار وردية زاهية، تنتشر الحرارة الباردة في الغرفة كما لو أن الزمن نفسه قد تجمد للحظة. أغلقت النجمة السباعية، والضوء الخافت في الغرفة تضاءل حتى أصبحت الجدران بالكاد مرئية. ببطء، دفعت الصانعة كرسيها الخشبي إلى الخلف، ووضعت أنبوبها بين شفتيها، وأشعلت ناراً صغيرة، لتملأ الهواء برائحة التبغ الحلو. كانت تعلم أن العملية ستستغرق وقتاً، ولا يمكنها إلا أن تنتظر. صوت الرنين المعدني كان يتردد في الهواء، والرموز الغامضة بدأت تظهر على سطح السبيكة، تحفر نفسها كما لو كانت بيد غير مرئية. بدأ الشكل المخروطي يتكون من قلب النار الزاهية، والبطاقات التي تدور حولها كما لو كانت تحيي الجرس العائم، الذي بدأ بالظهور، يتلألأ بلمعة غريبة، كما لو كان يتنفس الحياة للمرة الأولى. نظرت إليه بابتسامة، عيناها مليئتان بالفخر والحنين إلى الماضي، إلى الأيام التي كانت تعمل فيها مع معلمها الراحل، الذي علمها كل ما تعرفه. “أهلاً بك، أيها الصغير.” همست وهي تتفحص الكيان الجديد. لم يكن الجرس بعد مدركًا لما هو أو من هي سيدته، كان فقط يطفو، بلا وعي، بلا هدف، منتظرًا التعليمات الأولى. ثم، وبينما كانت تستعد لتأخذ نفساً آخر من أنبوبها، وقع نظرها على الساعة العتيقة المعلقة على الجدار. “يا للشيطان!” صاحت وهي تقف بسرعة، الألم في ركبتيها يذكرها بسنواتها الطويلة. “لقد تأخرت!” بسرعة، وبتعبيرات تنم عن العجلة، فتحت بوابة في الهواء، كانت مظلمة ومتلألئة بظلال غريبة، ثم أمسكت بالجرس وألقته بلا تردد عبرها. الشبيه الجديد أصدر صوت “بلورب!” مميز بينما اختفى في الباب في بُعد جيب من الظلام الدامس، اجتمع مجلس الظلال الخمسة عند مذبح حجري قديم وسط صمت مهيب، يناقشون الأحداث الأخيرة التي هزت أركان عالمهم السري. امتدت ظلالهم الداكنة من مواقعهم المختلفة، تلتف حول الأعمدة المتآكلة، حيث يجتمعون بوساطة قوى غامضة، تمكنهم من التحدث كما لو كانوا مجتمعين جسديًا. قال أحدهم، بصوت خافت لكنه محمل بالدهشة: “هل حقًا تمكن من استعادته؟ مباشرة من رفوف المكتبة؟” رد الآخر، بنبرة تحمل مزيجًا من الدهشة والرهبة: “نعم، حتى من القبو المحروس بإحكام… إذن، نحن نمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، أليس كذلك؟” زعيم المجلس، الشيخ الأظلم “مالكور”، نقر بظلّه العميق على المذبح، قاطعًا نقاش تابعيه بصوت مهيب. “نعم. الآن، إذا سمحتم لي أن أنهي كلامي. سنمضي في هذه المهمة… وسنستخدم *الهومونكولوس* لتحقيق هدفنا.” تقدم أحد الظلال، المسمى بـ “ثاديوس”، معترضًا: “الهومونكولوس!؟ ألا تعتقد أنه من الأفضل الاعتماد على… تعرف… أحد أعضائنا الفعليين لتنفيذ هذه المهمة؟” تقدم ظل آخر، يُدعى “سيلاس”، بنبرة حادة وغاضبة: “هل تقترح إرسال عضو؟ ونحن بالفعل في موقف حرج مع المكتبة؟ عندما أصبحت أسماؤنا جميعًا على القائمة السوداء لديهم؟ لا يمكننا حتى الحصول على بطاقة مكتبة بعد الآن! هل يمكنك تصور العواقب إذا تم كشف أمرنا؟ لا يمكننا تحمل حرب مع أمناء المكتبة في هذا التوقيت.” تدخل ظل آخر، يُعرف باسم “مورجان”، بنبرة ساخرة: “مع كل الاحترام… تبًا لأمناء المكتبة.” رد عليه “ثاديوس” بغضب مكبوت: “أخلاقك لا تُحتمل، مورجان!” رفع “سيلاس” صوته، متحديًا: “هل تريد القتال، مورجان؟” عندها نقر “مالكور” على المذبح مرة أخرى، مهددًا بصوته الذي يشبه الرعد الصامت: “جدالكم هذا سيصيبني بالصداع. لن أتردد في طردكما من هذه الغرفة المظلمة إذا لم تتوقفا وتستمعا.” انخفضت الظلال وتوقفوا، تاركين القائد يكمل حديثه. “والآن، لدينا كتاب الظلال بين أيدينا. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا نسخة مزيفة. العديد من علماءنا العظماء يعملون حاليًا على تأكيد أصالته. إن الوقت ينفد، ويجب أن نتصرف بسرعة.” “بالضبط، ولهذا السبب يجب أن نرسل عضوًا!” قال “ثاديوس” بإصرار. لكن “مالكور” رد عليه بحزم: “ثاديوس، أدرك مدى قوة موقفك من هذا، لكن قراري نهائي. سيذهب الهومونكولوس. سيلاس على حق. نحن لسنا في وضع يسمح لنا بمواجهة أمناء المكتبة، لأننا سنضطر إلى ذلك عاجلًا أم آجلًا بعد أن سرقنا كتابهم. الوقت ينفد.” اقترب “مالكور” من المذبح أكثر، مضيفًا حضورًا غامضًا كثيفًا. “لقد طلبت بالفعل من رئيسة الحرفيين العظمى، “سيرافينا”، مساعدتها في هذا الأمر. لذلك! أفضل ألا نبدأ حربك الصغيرة حتى نحصل على الأمير الثالث، نعم؟” تقلص ظل “ثاديوس” متراجعًا، وقال بصوت متردد: “نعم، يا صاحب الجلالة.” أومأ “مالكور” برأسه واستأنف حديثه بسرعة: “سيذهب الهومونكولوس. مدة حياته في العالم الخارجي قصيرة، لذا إذا تم القبض عليه من قبل السجان، فإنه سيتلاشى ببساطة إلى الظلال خلال أسبوع. يمكننا أيضًا إنكار أي تورط لنا، حيث لم يأخذ أي من أعضائنا الكتاب. نحن نعلم أن أمناء المكتبة يراقبوننا عن كثب. أي شيء نرسله يجب أن يكون غير مهم تمامًا وقابل للتضحية في حال وقوع شيء ما.” في تلك اللحظة، شعر جميع الظلال الخمسة بوجود شيء يراقبهم. عند قاعدة المذبح، ظهر كائن قصير القامة، مصنوع من لحم مشوه وكتلة من الظلام، يرتدي عباءة سوداء تغطيه بالكامل. كانت عين واحدة ضخمة تبرز من تحت العباءة، وفي يديه الصغيرتين كان يمسك كتاب الظلال بقوة. وقف “مالكور” للحظة، وأصدر صوتًا خافتًا أشبه بتنقية حلقه، رغم أن جسده الفعلي كان في أقاصي العوالم الأخرى. ظل المجلس صامتًا، وتركوا لحظة الحرج تخيم عليهم كضباب كثيف. لم يكن “مالكور” متأكدًا من المدة التي كان فيها الهومونكولوس واقفًا تحتهم يستمع، لكنه كان أول من خاطبه: “ساي. يبدو أن العلماء قد أطلقوك مبكرًا، لكننا نرسلك مرة أخرى.” ساي، الكائن الهزيل ذو الأطراف الأخطبوطية والعيون الثمانية، والذي لم يكن يبلغ حتى سنتين من العمر، وقف أمام المجلس وقال بصوت يشوبه الولاء والتهكم: “هل نفذت سموك من الظلال ‘غير المهمة والقابلة للتضحية’؟ هل بدأت المؤامرة بالانحراف؟ بالانحراف بالانحراف؟ أنا جاهز للخدمة مجددًا. نعم، نعم!” ابتسم “مالكور” برضا خلف قناع الظلام، وأومأ برأسه مجددًا: “أنا سعيد لأنك مستعد، لكن هذه المرة لن نرسلك إلى المكتبة. مؤامرتنا ووضعنا الحالي يتطلبان إرسال شخص إلى المكان الذي نقل إليه السجان الأمير الثالث مؤخرًا. عليك أن تعيده إلينا.” توقف “مالكور” عمدًا، ليجعل أوامره واضحة للجميع، ليس فقط لساي، ولكن أيضًا لبقية تابعيه لفهم حتمية قراره. “لإعادة الأمير الثالث، ستحتاج إلى استخدام الكتاب الذي في يديك. إلقاء تعويذة بسيطة من كتاب الظلال يجب أن يكون كافيًا لنا لسحبه من سجنه. ستتلقى أيضًا مساعدة إضافية. “إيفون”، إذا سمحتِ.” تقدمت “إيفون”، الظل الأنثوي الرشيق، بانسيابية، ورغم أن ظلها لم يكن يحمل ملامح وجهها، إلا أن “ساي” شعر بقسوتها المخفية تتسرب من أعماق كندا. “إيفون”، ساحرة الظلال العظمى، مدت إصبعها الطويل ولمست الأرض حيث كان يقف “ساي”. “أعطيك ظلك الخاص لتأخذه معك. في الخارج، سيتضاءل جوهر الظلام الذي يمنحك الحياة بسرعة.” وأضافت “إيفون” بصوت صارم: “وجود ظلك الخاص سيمنع تسرب قوتك الحياتية، لكنه سيتقلص مع كل استخدام للسحر من الكتاب، أو إذا تعرضت للأذى. بمجرد أن يختفي، سيكون من الصعب علينا إبقاؤك على قيد الحياة.” مالت “إيفون” نحو “ساي” للتأكيد على خطورة الموقف. “لا مجال للأخطاء.” شاهد “مالكور” تحركات “إيفون” بينما عادت إلى المذبح، ثم أومأ إلى “سيلاس”، تلميذ رئيسة الحرفيين العظمى، ليكمل حديثه. “ساي، رئيسة الحرفيين العظمى قد منحتك شبيهًا يجب أن يصل قريبًا.” قبل أن ينهي جملته، اخترق مخروط معدني مظلم ظل “ساي”، وتوقف عند مستوى رأسه. أصدر صوت رنين معدني ناعم ملأ المكان بصدى خافت. تابع “سيلاس” بابتسامة مغمورة في الظلال: “شبيه يمكنك التحكم في أفعاله، ويمكنك أيضًا استخدامه لتشويش الإدراك والذكريات لدى من حولك. أعتقد أن السجانين يطلقون عليه اسم ‘المضاد للذاكرة’.” أومأ “مالكور” للمرة الأخيرة. “شكرًا لكم. ساي، لديك أوامرك الآن.  

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط