بين الساقطين 1
– ليليا هيلستيا :
رغم ذلك تغير الوزن حيث إنزلقت العربة جانبًا في الوحل.
أرهقت ساقاي عندما وصلت إلى المنحدر الطويل للمسار الجبلي المتعرج، وضعت يدي على فخذي وإستدرت لأتأمل القافلة الممتدة على سفح الجبل خلفي.
أومأت برأسي ورفعت حقيبتي على ظهري مستمرة في السير على الطريق الذي إستوى ثم إنحنى حول واد واسع في سفح الجبل.
جارود ريدنر الذي يسير بجانبي وضع يديه على ركبتيه ولهث بحثًا عن الهواء.
“ربما أستطيع أن أفهم ما يقولونه…” تمتم جارود بينما يلقي تعويذة.
“لا أفهم… لماذا نسلك هذا الطريق الجبلي القديم” قال لاهثاً.
“أعلنوا عن فترة الراحة” قال جارود وهو يرى مظهري القلق “سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتمكن الجميع من الصعود إلى هذا المنحدر… إذا سنتمكن من أخذ قسط من الراحة نحن أيضا أليس كذلك؟”.
على الرغم من أنني أعلم أنه يتحدث بطريقة بلاغية إلا أنني أجبت على أي حال “لا يوجد مكان يذهب إليه هؤلاء الأشخاص في شمال سابين ففالدن ومارلو وإلكشاير – لا يمكنهم دعمهم، رغم ذلك فإن القرى الزراعية الواقعة بين زيروس وبلاك باند بها مساحة كما أنه لا توجد أي طرق عبر الغابة الكثيفة والمستنقعية بين مدينة مارلو وزيروس”.
إستقرت العربة على مسافة بعيدة عن الطريق ولا يزال صراخ الأطفال المذعورين لاهثين يصدر من داخلها، بقيت عجلاتها عالقة في الوحل الكثيف مستقرة في تلك اللحظة لكنني لم أضيع أي وقت في الإندفاع إلى مؤخرة العربة وتمزيق الغطاء القماشي، حدقت ستة وجوه شاحبة بينما والدهم يكافح للوصول إليهم من الجانب الآخر.
“أنا… أعرف…” وقف منتصبًا وشد وجهه بينما يحاول التحكم في تنفسه.
مر بنا عدد قليل من المغامرين الذين يقومون بدور الحراس وكذلك عربة فيها فتاة صغيرة تحدق بيأس على حافة الطريق الجبلي، تحكم جدها في زمام إثنين من المتزلجين الكبار الذين يجرون عربتهم الصغيرة فقد مات والداها أثناء القتال عند الجدار.
جمعت أكبر قدر ممكن من القوة خلف جدار الماء وقمت بتكثيفه في منجل مسقطتا النصل السائل عبر الحزام الذي يربطهم بالعربة، تشقق الخشب والجلد وصرخت الثيران في ذعر ثم قفزت من الطريق في إنسجام تام أسفل سفح الجبل شديد الإنحدار.
“مرحبًا كاشيري” قلت لها ملوحة قليلاً.
“ألقي تعويذة أخرى وستموت” قالت إحدى الشخصيات وصوتها كصوت إمرأة.
عندما لم تلوح لي أخرجت شيئًا من حقيبتي وألقيته لها، شاهدته وهو يطير في الهواء ويهبط على المقعد المجاور لها بتعبير خال.
ركض جارود للأعلى وقام بتوجيه عاصفة الرياح ليدفع العربة ببطء إلى الطريق.
قفزت من الإثارة وأسرعت لإزالة ورق الشمع حيث إتسعت عيناها وتألقت بالإثارة بينما تضع الكراميل المطاطي في فمها.
“بالتأكيد” أجبت مقلبة التفاحة التي بين يدي على نحو غائب “من الصعب عدم القيام بذلك حتى عندما أعلم أن ذلك لن يساعد في أي شيء” ترددت ثم قابلت عين جارود “ما الذي يدور في ذهنك؟”.
“طفلة مسكينة” قال جارود متنهدا حينما مرت العربة بجواره.
إلتوى جناح النصل بشدة وأصبح طيرانه سريعًا وغير منتظم قبل لحظات فقط من إنطلاق دخان من الضوء الأخضر عبر السماء وضربه من الخلف، خرج فيلكور وتانر عن السيطرة حيث إختفت الصورة الظلية البعيدة لجناح النصل عن الأنظار عندما هبطوا من السماء، ظهرت أربعة شخصيات داكنة بسرعة ومع إقترابهم توسعت نية القتل أمامهم مثل موجة من المانا السوداء الساحقة.
هناك أكثر من 200 شخص في قافلتنا وهم أشخاص مثل كاشيري الذين فقدوا كل شيء تقريبًا والأمل الوحيد لديهم هو الهروب من القرى الأصغر مثل أشبر لأنهم لم يعودوا قادرين على إعالة أنفسهم بعد الحرب، لقد تمزقت العائلات وإستعبد الناس وأخذت ممتلكاتهم منهم أو دمرت وعندما إنتهت الحرب فجأة إفتقرت سابين إلى القيادة والبنية التحتية لإرسال المساعدة أو إعادة البناء، مع عدم عودة عدد لا يحصى من الأمهات والبنات والأبناء والآباء من الحرب لم تتمكن الكثير من العائلات من البقاء على قيد الحياة بعيدًا عن المدن.
إنبعث هدير منخفض من حلقه ونظر إليّ بغضب “صمتا لا تقولي شيئًا تحت ألم الموت”.
من المفارقات أن عددًا قليلاً من الموجودين في القافلة هم أشخاص ساعدناهم على الهروب من المدن في البداية، لم يتمكنوا من المخاطرة بالقيام برحلة العودة بمفردهم وإنتظروا بدلاً من ذلك شهورًا للحصول على المساعدة، سيعود بعضهم إلى زيروس وبلاك باند لكن لم يكن لدى البعض الآخر منازل أو عائلات أو حياة ليعودوا إليها، مع عدم وجود أمل خاص بهم هم بحاجة إلى شخص ما ليتدخل ويساعدهم على إشعال الأمل من جديد، دفعت صخرة صغيرة بإصبع قدمي وشاهدتها ترتد إلى أسفل الجبل شديد الإنحدار بطقطقة متكررة تحت السحق المستمر لعجلات العربة وأصوات العديد من الأشخاص سواء البشر أو وحوش المانا.
نهضت بيرهاتا وفارج لمقابلتهما.
ظل جارود صامتًا لكنه إحتفظ بوجه شجاع من أجل أولئك الذين مروا في القوافل.
بعد صفير منخفض تفتحت دماء مشرقة مثل زهرة على صدر جارود، نظرت إلي بدهشة وإرتباك حيث فتح فمه وأغلقه ثم سقط على الأرض.
سمعت الحراس ينادون فأدرت أذني في إتجاههم.
إبتلعت لعابي في حلقي وأومأت برأسي.
“أعلنوا عن فترة الراحة” قال جارود وهو يرى مظهري القلق “سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتمكن الجميع من الصعود إلى هذا المنحدر… إذا سنتمكن من أخذ قسط من الراحة نحن أيضا أليس كذلك؟”.
–+–
أومأت برأسي ورفعت حقيبتي على ظهري مستمرة في السير على الطريق الذي إستوى ثم إنحنى حول واد واسع في سفح الجبل.
“فارج أعطِ السيادي إلى رينزي وساعدني في الإستعدادات” تابعت بعينيها الثاقبتين اللتين تتجهان نحو السماء.
“ما لا يقل عن نصف ساعة حتى تصل العربات الأخيرة إلى هنا ولكن يجب علينا جميعا أن نتأقلم بشكل مريح في هذه المساحة المسطحة”.
“لا يهم” أكد وهو يمد لي يده.
إختار جارود فجوة بين عربة والأسرة التي نتبعها سيرًا على الأقدام ثم جلس بالقرب من صخرة كبيرة سقطت من الجبل وتشققت إلى نصفين على حافة الطريق، من خلال الموضع بدا الأمر كما لو أن شخصًا ما قد حركها بالسحر منذ وقت طويل والآن أصبحت طاولة مريحة لجارود حتى يسحب بعض حاويات الطعام، تابعت مرتاحة الآن بعد أن سحبت بعض الأشياء من أداة البعد الخاص بي وقمت بوضعهم للمشاركة ثم إخترت تفاحة.
“حراس!” صرخت منطلقة بسرعة نحو مقدمة القافلة.
أطلقت إمرأة سمينة الجسم ترتدي ملابس زاهية الألوان صفيرًا أثناء مرورها بنا في عربتها الصغيرة التي يجرها طائر كبير يكاد يكون لامعًا مثل صاحبته.
سمعت الحراس ينادون فأدرت أذني في إتجاههم.
“أوه متى ستطلب مني موعدًا لتناول الغداء يا جارود ريدنر؟”.
تغلب عليّ غضبي وقلقي لذا وقفت أمام العائلة المنكمشة ونظرت إليه بشراسة “مهما كان ما تفعله يبدو وكأنه سوف يسقط الجبل معنا! تعويذاتك أخافت بعض وحوش المانا وهؤلاء الناس تقريبًا…”.
إحمرت خدود جارود وعمل فمه بصمت مكافحا من أجل الرد.
“أنا… أفعل” قلت بصوت ضعيف على الرغم من أن ذلك لم يكن صحيحًا بالمعنى الدقيق للكلمة “على ما أعتقد…” مكافحة مسحت يدي الملطختين بالتراب ووقفت “هذا ليس… نحن فقط نساعد الناس على الإنتقال إلى المدن الباقية هذا كل ما في الأمر نحن لا ننقل أي شيء ذي قيمة… بإستثناء حياة البشر”.
“ربما عندما يأتي اليوم الذي لا يؤدي فيه وجودك إلى إحمرار وجهه أو سرقة لسانه يا روز إيلين” أجبتهل بينما أضحك.
إقترب الألكريان “لا تظني أن حاجتنا إليك كبيرة لدرجة تجعلنا على إستعداد لتحمل عدم إحترامنا يا فتاة، ربما تكون بقية هذه المجموعة المثيرة للشفقة أكثر مرونة إذا قمت بنشر أحشائك من أحد أطراف القافلة إلى الطرف الآخر؟”.
صرخت وهي تستدير في عربتها وتعدل بلوزتها الضيقة “يا للأسف أخشى أنني محكوم عليّ بسماع صوت الصمت فقط من شفتيه التي قبلتها الريح” أعطتني إبتسامة شريرة “على عكسك يا سيدة هيلستيا”.
لم تكن لدي القوة لتبادل الكلمات مع هذا الشيطان من أسوأ كوابيسي لكنه لم يكن يستمع على أي حال فرأسه مرفوع إلى أعلى وأنفه الغريب والمتقرح يستنشق الهواء مثل الوحش.
لوحت بيدي لأسكتها ثم أخفيت إبتسامتي خلف تفاحتي وأخذت قضمة منها ببطء.
في غضون بضعة أنفاس بدا الأمر كما لو أن الأطياف إختفوا .
أخذ جارود وقته في تمزيق قطعة من اللحم المجفف عن اللوح وقضم قضمات صغيرة منها ثم نظر في كل مكان بإستثناء وجهي.
في غضون بضعة أنفاس بدا الأمر كما لو أن الأطياف إختفوا .
بعد دقيقة تنحنح قائلا “هل فكرت يومًا في… الماضي؟ مثل أكاديمية زيروس وكيف كانت ستكون الحياة لو لم يهاجم الألكريان؟”.
“ما لا يقل عن نصف ساعة حتى تصل العربات الأخيرة إلى هنا ولكن يجب علينا جميعا أن نتأقلم بشكل مريح في هذه المساحة المسطحة”.
“بالتأكيد” أجبت مقلبة التفاحة التي بين يدي على نحو غائب “من الصعب عدم القيام بذلك حتى عندما أعلم أن ذلك لن يساعد في أي شيء” ترددت ثم قابلت عين جارود “ما الذي يدور في ذهنك؟”.
مر بنا عدد قليل من المغامرين الذين يقومون بدور الحراس وكذلك عربة فيها فتاة صغيرة تحدق بيأس على حافة الطريق الجبلي، تحكم جدها في زمام إثنين من المتزلجين الكبار الذين يجرون عربتهم الصغيرة فقد مات والداها أثناء القتال عند الجدار.
“أنا فقط…” توقف وأخذ قضمة بينما يمضغ ببطء “كل ما حدث منذ الهجوم على الأكاديمية كان فظيعًا كما تعلمين؟ ولكن…” تحرك في مقعده وعيناه تدوران حوله باحثا عن الكلمات وأدركت أنه يبدو… مذنباً “لا أريد أن أبدو وكأنني أستبعد الرعب الذي واجهه هؤلاء الأشخاص – والذي واجهه الجميع في ديكاثين مثل الجان أو تلك الفتاة ولكن…”وأطلق تنهيدة متعبة ونظر إليّ أخيرًا “أردت فقط أن أقول أنا أحب هذا… أنا أحب ما نقوم به مثل مساعدة هؤلاء الناس؟ وقضاء الوقت…. إحداث فرق حقيقي على ما أعتقد لكن لولا الحرب ولو لم تنقذي حياتي عندما حاولت قتلك حرفيًا لا أعرف من كنت سأصبح… هل من السيئ على ما أعتقد أنني أفضل ما أنا عليه الآن؟”.
بشكل أعمى تلمست يدي حتى أغلقت حول ذراع جارود الذي يبرد بالفعل.
شعرت بالدموع تتجمع خلف عيني فأغمضتهما بسرعة.
إبتسمت وكرهت نفسي لذلك.
“لا أعتقد أن هذا سيئ” قمت بتطهير حلقي ولكن لم أكن متأكدة مما سأقوله.
لم أستطع أن أتفق معه لأن ذهني معلق بالزلزال الذي هز الجبل خلال الساعتين الماضيتين.
بعد أن شعر جارود بالإحراج ضحك بسخرية “بالحديث عن إنقاذ حياتي أعتقد أن الذي يتسلق قمة التلال هناك هو تانر هل ترينه؟، من كان يظن أنني سأنتهي بالعمل جنبًا إلى جنب مع أجنحة النصل مرة أخرى أليس كذلك؟ أقسم أنني مازلت أعاني من كوابيس بشأن فيلكور…”.
ربما من المفيد أن السحرة الأربعة الأقوياء يطيرون ويلقون التعويذات فهالاتهم العقابية مثل ثقل عاصفة رعدية قادمة، معظم الأشخاص الذين تحت رعايتنا خائفين جدًا من فعل أي شيء بإستثناء ما قيل لهم بالضبط… مثلي.
“يجب عليك إظهار المزيد من التقدير لوحش المانا الذي ساعدك على الهروب من زيروس” أجبته ضاحكة.
“طفلة مسكينة” قال جارود متنهدا حينما مرت العربة بجواره.
“من السهل عليك أن تقولي ذلك” صاح جارود ملوحا في وجهي “لم يكن عليك ركوب الوحش أقسم أنني مازلت غير متأكد من أن تانر يعرف كيف يتحكم فيه حقًا”.
إختنقت من كلماتي بينما نية القتل تلتف حول حلقي مثل قبضة مخالب حتى أن عيناي جحظتا وخدشت رقبتي لكنني لم أستطع التنفس.
“حسنًا يبدو أنه أصبح قادرًا على التعامل مع الأمر الآن…” إنفجرت شاهقة من دون توقف ثم وقفت على قدمي بينما أصبح جسدي بأكمله باردًا من الرعب.
بعد أن شعرنا بتحسن قليل واصلنا أنا وجارود السير على طول الطريق وبذلنا قصارى جهدنا لشرح ما يحدث وتقديم العزاء والتوجيه حيثما كانت هناك حاجة إليه، إستغرق الأمر ما يقرب من ساعتين للوصول إلى نهاية القافلة حيث الساحر ذو الذراع الواحدة يراقب الطريق للتأكد من عدم محاولة أحد الإلتفاف والفرار، في هذه الأثناء إستمر الجبل في الإهتزاز مثل بركان على وشك الإنفجار ولم يقدم لنا خاطفونا أي تفسير إضافي.
إلتوى جناح النصل بشدة وأصبح طيرانه سريعًا وغير منتظم قبل لحظات فقط من إنطلاق دخان من الضوء الأخضر عبر السماء وضربه من الخلف، خرج فيلكور وتانر عن السيطرة حيث إختفت الصورة الظلية البعيدة لجناح النصل عن الأنظار عندما هبطوا من السماء، ظهرت أربعة شخصيات داكنة بسرعة ومع إقترابهم توسعت نية القتل أمامهم مثل موجة من المانا السوداء الساحقة.
وصلت يده إلى خدي ولطخت وجهي بالدم ثم تراجعت ببطء إلى جانبه حيث خرج أنين مؤلم من شفتيه ثم أصبح ساكنًا والضوء يتلاشى من عينيه.
“حراس!” صرخت منطلقة بسرعة نحو مقدمة القافلة.
أصابعي أصبحت بيضاء حول لحم جارود الميت.
لم يتردد جارود حيث تبعني مباشرة والرياح تلتف حول ذراعيه وساقيه.
“أعلنوا عن فترة الراحة” قال جارود وهو يرى مظهري القلق “سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتمكن الجميع من الصعود إلى هذا المنحدر… إذا سنتمكن من أخذ قسط من الراحة نحن أيضا أليس كذلك؟”.
بدأ المغامرون بالفعل في تشكيل الصفوف فبعضهم يستحضر الدروع حول اللاجئين والبعض الآخر يهتف تعويذات هجومية لشن هجوم مضاد على أي شخص يقترب، يمكننا جميعًا أن نشعر بقوة توقيعات المانا غير المخفية وقد رأيت بالفعل النظرات اليائسة التي يتم تبادلها بين حراسنا وسمعت إرتعاش أصواتهم.
أصيب راست بحروق شديدة وفقد معظم ذراعه لكنه لم يبد أي علامة خارجية على الألم عندما أومأ برأسه متفهمًا وطار على الطريق.
إنطلقت الصيحات من عربات القطار مما أدى إلى توقف العربات الواحدة تلو الأخرى لأن معظم الأشخاص الذين نرافقهم ليسوا سحرة، لم يتمكنوا من الشعور بما يقترب ولم يروا تانر يصاب في الهواء لكنهم رأوا التعويذات الدفاعية تُلقى وذلك كاف لإرسالهم إلى حالة من الفوضى.
“ربما أستطيع أن أفهم ما يقولونه…” تمتم جارود بينما يلقي تعويذة.
لم يكن هناك وقت للتنظيم ولم نتمكن من الإلتفاف أو الركض أو الإختباء فقد إختفت المسافة من الطريق إلى التلال حيث ظهر جناح النصل بينما إنقضت علينا الأشكال في ما بدا وكأنه ثوانٍ.
أجاب إنبثاق بعيد ولكن يقترب بسرعة على سؤالي.
ديان وايتهول إحدى المغامرين الذين يقودون حماية قافلتنا خفضت ذراعها إلى الأسفل وصرخت “هجوم!”.
“من السهل عليك أن تقولي ذلك” صاح جارود ملوحا في وجهي “لم يكن عليك ركوب الوحش أقسم أنني مازلت غير متأكد من أن تانر يعرف كيف يتحكم فيه حقًا”.
حبست أنفاسي بينما إنطلقت وابل من التعاويذ في الهواء ولم تجد هدفها.
شعرت بالدموع تتجمع خلف عيني فأغمضتهما بسرعة.
تبلور الجليد الأسود حول أقدام مدافعينا في الخطوط الأمامية وتكثف في أشواك مندفعا للأعلى ومخترقا المانا والدروع ثم اللحم والعظام بسهولة، سمعت تمزق الأوتار كسر العظام حيث صرخ الرجال والنساء ثم صمتوا عندما أصبحت أشكالهم الجسدية المألوفة فوضى حمراء ممزقة تلطخ الجليد الأسود، خلفهم تراجع الخط الثاني للخلف وومضت التعاويذ الدفاعية بحيث لم يكن وابل النيران المرتدة واضحًا.
“إحمل سلاحك وستموت” تابعت قائلة بينما تخطو نحو حفنة من المغامرين الذين ما زالوا يتنفسون “أهرب وستموت…. إستفزني وستموت” توقفت أمامي ونظرتها القرمزية تجتاح مقدمة القافلة.
يبدو أن رعب العرض سرق القوة حتى من هؤلاء المحاربين الأقوياء.
“أنا… أفعل” قلت بصوت ضعيف على الرغم من أن ذلك لم يكن صحيحًا بالمعنى الدقيق للكلمة “على ما أعتقد…” مكافحة مسحت يدي الملطختين بالتراب ووقفت “هذا ليس… نحن فقط نساعد الناس على الإنتقال إلى المدن الباقية هذا كل ما في الأمر نحن لا ننقل أي شيء ذي قيمة… بإستثناء حياة البشر”.
“تراجعوا!” أمرت ديان مستبدلة نبرة أمرها بصراخ مهووس لكن لم يكن هناك مكان يذهب إليه أي منا.
ظل جارود صامتًا لكنه إحتفظ بوجه شجاع من أجل أولئك الذين مروا في القوافل.
تصاعد الضباب الأخضر مما تبقى من الجثث وإجتاح الناجين بحيث لم أستطع الإبتعاد عندما بدأت أجسامهم تذوب مثل الشمع، صرخاتهم المحتضرة تغلي بالصفارة والدم حيث إنسلخ وجه ديان المنمش وشعرها المجعد ليكشف عن الجمجمة تحتها قبل أن تنهار.
“مستحيل…” تنفست والكلمة ليست أكثر من مجرد أنين.
إندفع المتزلجون الذين يسحبون العربة الأمامية فوق بعضهم البعض للعودة والإبتعاد نازعين أحزمتهم وخدشوا مقعد السائق مما أدى إلى تمزيق جد كاشيري إلى أشلاء، عندما أصاب الضباب العربة لم أعد قادرة على مشاهدة ما يحدث أو الشعور بقلبي بسبب الخدر المقزز الذي يسيطر على ذهني وجسدي، فجأة أمسك بي جارود وسحبني للخلف بعيدًا عن الضباب بينما يلتهم العربتين الثانية والثالثة في الصف أيضًا، كل شيء يصرخ حتى الجبل إنقلب رأسًا على عقب وكأنه يحاول أن يقذفنا في السماء…
لاهثة إستوعبت رؤيتهم بفارغ الصبر: كائنان جميلان بلون أبيض بلوري مع حراشف بلون أزرق جليدي في أجنحتهما وأشواك لامعة على طول ظهريهما، يقودهما كائن ثالث أسود مثل منتصف الليل ويغلي بنية القتل على عكس أي شيء كنت أتخيله.
سقطت على ركبتي وتقيأت في التراب.
ديان وايتهول إحدى المغامرين الذين يقودون حماية قافلتنا خفضت ذراعها إلى الأسفل وصرخت “هجوم!”.
كنت في الحرب بطريقتي الخاصة وقاتلت وقتلت لكنني لم أر قط مثل هذا الموت العرضي والمروع… حتى في أسوأ أيام إحتلال الألكريان لزيروس لم أواجه شيئًا كهذا.
لم أستطع أن أتفق معه لأن ذهني معلق بالزلزال الذي هز الجبل خلال الساعتين الماضيتين.
“ألقي تعويذة أخرى وستموت” قالت إحدى الشخصيات وصوتها كصوت إمرأة.
الوافدون الخمسة الجدد جميعهم ذوو قرون وعيون حمراء تمامًا مثل بيرهاتا ورفاقها وكل واحد منهم على الأقل بقوة ساحر ذو نواة بيضاء…
شاهدتها بإرتجاف تهبط وسط مذبحة هجومهم والضباب يتلاشى حولها بشعر أسود نفاث وعيون حمراء… وقرون.
– ترجمة : Ozy.
إعتقدت أن كلمة فريترا ليس لها معنى إلا جزئيًا حتى تلك اللحظة.
لم يكن هناك وقت للتنظيم ولم نتمكن من الإلتفاف أو الركض أو الإختباء فقد إختفت المسافة من الطريق إلى التلال حيث ظهر جناح النصل بينما إنقضت علينا الأشكال في ما بدا وكأنه ثوانٍ.
“إحمل سلاحك وستموت” تابعت قائلة بينما تخطو نحو حفنة من المغامرين الذين ما زالوا يتنفسون “أهرب وستموت…. إستفزني وستموت” توقفت أمامي ونظرتها القرمزية تجتاح مقدمة القافلة.
“هل تشعرين بذلك؟” سأل عندما توقف ونظر نحو الغرب مستخدماً يده لحماية عينيه من الشمس.
سمعت صوتها ينزل على سفح الجبل مرددا صدى مكننا من سماعها حتى من على بعد نصف ميل.
أومأت برأسي ورفعت حقيبتي على ظهري مستمرة في السير على الطريق الذي إستوى ثم إنحنى حول واد واسع في سفح الجبل.
“من يتحدث نيابة عنكم؟”.
عندما علمت أنه على حق وقفت منتصبة وبذلت قصارى جهدي لإستعادة قواي، ساعدنا المرأة على إطلاق سراح المتزلجين ثم تقدمت عدة عائلات أخرى لإيجاد أماكن للعائلة الكبيرة للإحتماء وإعادة توزيع البضائع الموجودة في عربتهم التي أصبحت عديمة الفائدة الآن. بإفتراض أننا سنغادر هذا الجبل وجدت نفسي أفكر: ولكن ربما يعني ذلك أنه لا يزال لديهم بعض الأمل وإلا فلماذا أهتم؟.
“أنا… أفعل” قلت بصوت ضعيف على الرغم من أن ذلك لم يكن صحيحًا بالمعنى الدقيق للكلمة “على ما أعتقد…” مكافحة مسحت يدي الملطختين بالتراب ووقفت “هذا ليس… نحن فقط نساعد الناس على الإنتقال إلى المدن الباقية هذا كل ما في الأمر نحن لا ننقل أي شيء ذي قيمة… بإستثناء حياة البشر”.
بعد صفير منخفض تفتحت دماء مشرقة مثل زهرة على صدر جارود، نظرت إلي بدهشة وإرتباك حيث فتح فمه وأغلقه ثم سقط على الأرض.
إبتسمت المرأة بتعبير قاسي على وجهها الحاد “جيد لأن هذا هو بالضبط ما نحتاجه الآن” قالت من فوق كتفها “راست توجه إلى مؤخرة القافلة وتأكد من ألا يتحلى أحد بالشجاعة”.
‘هل كنت أكذب على الرجل؟’ لم يكن لدي أي وسيلة لمعرفة ذلك وهذا حطم قلبي.
أصيب راست بحروق شديدة وفقد معظم ذراعه لكنه لم يبد أي علامة خارجية على الألم عندما أومأ برأسه متفهمًا وطار على الطريق.
“إحمل سلاحك وستموت” تابعت قائلة بينما تخطو نحو حفنة من المغامرين الذين ما زالوا يتنفسون “أهرب وستموت…. إستفزني وستموت” توقفت أمامي ونظرتها القرمزية تجتاح مقدمة القافلة.
“فارج أعطِ السيادي إلى رينزي وساعدني في الإستعدادات” تابعت بعينيها الثاقبتين اللتين تتجهان نحو السماء.
عندما إبتعدت عن عربته التي ربما في منتصف طريق خط العربات والأشخاص الذين يسيرون على الأقدام وهم يتسلقون سفح الجبل إهتزت الأرض تحت قدمي.
هبط رجل ثان بجانبها له وجه ضيق وحاد وذقن طويلة منحنية بقرون قصيرة بارزة من كل صدغ فوق عينيه الصغيرتين بينما يحمل فوق كتفه شكلاً منبطحًا.
“ألقي تعويذة أخرى وستموت” قالت إحدى الشخصيات وصوتها كصوت إمرأة.
إقترب من المرأة وتحدث بنبرة منخفضة بالكاد أستطيع أن أفهمها “هل أنت متأكدة من أن هذه هي أفضل فكرة بيرهاتا؟ نستطيع…”.
أثارت السحالي المنزعجة رعب الثيران أكثر حيث إنحرفت الوحوش يمينًا للإلتفاف حول العربة الأصغر وأخذتهم – والعائلة التي يجرونها – نحو حافة الطريق والمنحدر الحاد أسفل الجبل.
كشفت عن أسنانها في وجهه وأسكتته “في الوقت الحالي لدينا السيادي ولكن لا يوجد إعوجاج تيمبوس بما أنه مع سيثين، نحن بحاجة إلى إرسال إشارة وهذه الوحدات الديكاثية توفر لنا الغطاء في حالة وجود… صحبة” تحول تركيزها نحوي “يتسارع نبضك لكلماتي وكأنها تعني لك الأمل” كشفت عن أنيابها الطويلة وإنحنت على مقربة مني “اعلم أنك إذا نجوت من هذا فسيكون ذلك لأنك فعلت بالضبط ما قلته وسيكون ذلك لأنني أنقذتك لذا لا تبحثي عن أمل من خارج نفسك هل تفهمين؟”.
لاهثة إستوعبت رؤيتهم بفارغ الصبر: كائنان جميلان بلون أبيض بلوري مع حراشف بلون أزرق جليدي في أجنحتهما وأشواك لامعة على طول ظهريهما، يقودهما كائن ثالث أسود مثل منتصف الليل ويغلي بنية القتل على عكس أي شيء كنت أتخيله.
إبتلعت لعابي في حلقي وأومأت برأسي.
‘هل كنت أكذب على الرجل؟’ لم يكن لدي أي وسيلة لمعرفة ذلك وهذا حطم قلبي.
عندما مدت يدها نحو وجهي جفلت بعيدًا لكنها أسرع مني حيث شبكت أصابعها حول خدي “إذهبي يا طفلة وهدئي شعبك ثم إشرحي ما هو المطلوب منهم وتأكدي من أنهم يفهمون أن إستمرار وجودهم هو أمر في أيديهم”.
“ألقي تعويذة أخرى وستموت” قالت إحدى الشخصيات وصوتها كصوت إمرأة.
أعطتني دفعة ناعمة عندما أطلقت سراحي وكدت أسقط إلى الوراء.
***
“ليليا هل أنتِ…” أمسك جارود بذراعي ليثبتني ثم إستخدم كمه لمسح بقعة القيء العالق بشفتي وهمس “ماذا سنفعل؟”.
إبتسمت وكرهت نفسي لذلك.
“ما تقوله” أكدت “تعال دعنا نمنع هؤلاء المساكين من التدافع على سفح الجبل”.
أثارت السحالي المنزعجة رعب الثيران أكثر حيث إنحرفت الوحوش يمينًا للإلتفاف حول العربة الأصغر وأخذتهم – والعائلة التي يجرونها – نحو حافة الطريق والمنحدر الحاد أسفل الجبل.
على الرغم من كلماتي الواثقة لجارود عندما بدأنا في شق طريقنا على طول قافلتنا والتحدث إلى عائلة تلو الأخرى لم أستطع إلا أن أشعر بالإحتيال في محاولاتي لنشر الهدوء، بعد كل شيء ألم أقف متجمدة بينما يتم إعدام مجرد طفلة عرضًا بسبب قسوتهم والآن أقفز لتنفيذ أمر المرأة بيرهاتا…
عندها فقط عادت عيناي المليئتان بالدموع إلى جارود.
ربما من المفيد أن السحرة الأربعة الأقوياء يطيرون ويلقون التعويذات فهالاتهم العقابية مثل ثقل عاصفة رعدية قادمة، معظم الأشخاص الذين تحت رعايتنا خائفين جدًا من فعل أي شيء بإستثناء ما قيل لهم بالضبط… مثلي.
بدأت ريح مريرة تهب على سفح الجبل مما أدى إلى برودة الهواء حتى إنسحب معظم الناس إلى عربات مغطاة للتجمع حول القطع الأثرية الدافئة أو أشعلوا النيران ونصبوا الخيام على قاعدة الجرف الذي يحد الطريق، مع عباءتي المشدودة حول كتفي إبتعدت عن العربة الأخيرة في قافلتنا وبدأت في طريقي إلى أعلى الجبل مع جارود.
***
“لا يهم” أكد وهو يمد لي يده.
“فقط إبق مع عائلتك وحافظ على هدوئك” قلت لرجل في منتصف العمر ظل أطفاله الستة يئنون من داخل عربتهم حيث تحركت الثيران الأربع التي تسحب العربة الكبيرة لكنه أمسكهم بقوة “أنا واثقة من أنهم عندما يحصلون على ما يريدون سوف يتركوننا وشأننا”.
“ليس أنت لا ينبغي لي أن…” تحدثت بشكل غير مريح بنصف ضحك ونصف بكاء.
إبتسمت وكرهت نفسي لذلك.
“تراجعوا!” أمرت ديان مستبدلة نبرة أمرها بصراخ مهووس لكن لم يكن هناك مكان يذهب إليه أي منا.
‘هل كنت أكذب على الرجل؟’ لم يكن لدي أي وسيلة لمعرفة ذلك وهذا حطم قلبي.
***
عندما إبتعدت عن عربته التي ربما في منتصف طريق خط العربات والأشخاص الذين يسيرون على الأقدام وهم يتسلقون سفح الجبل إهتزت الأرض تحت قدمي.
“ربما أستطيع أن أفهم ما يقولونه…” تمتم جارود بينما يلقي تعويذة.
تحطم الحجر في مكان ما عميقًا تحتنا.
“ربما سيتركوننا نذهب الآن” قال جارود بأمل “إذا حصلوا على ما يريدون فلا يوجد سبب لإيذائنا أليس كذلك؟”.
شهقت عندما إصطدم كاحلي بصخرة وإندفعت الثيران الأربعة نحو الجزء الخلفي من العربة الصغيرة التي أمامهم، لعن الأب في ذعر وهز زمام العربة بلا جدوى بينما أطفاله يصرخون من خلف القماش السميك الذي يغطي عربتهم، خفض الثيران رؤوسهم وإصطدموا بمؤخرة العربة مما أدى إلى تحطم الخشب ودفعه نحو حافة الطريق، صرخت المرأة الوحيدة في العربة في مفاجأة ورعب وهسهس المتزلجون محاولين الصعود إلى سفح الجبل وسحب العربة المكسورة خلفهم.
تصاعد الضباب الأخضر مما تبقى من الجثث وإجتاح الناجين بحيث لم أستطع الإبتعاد عندما بدأت أجسامهم تذوب مثل الشمع، صرخاتهم المحتضرة تغلي بالصفارة والدم حيث إنسلخ وجه ديان المنمش وشعرها المجعد ليكشف عن الجمجمة تحتها قبل أن تنهار.
أثارت السحالي المنزعجة رعب الثيران أكثر حيث إنحرفت الوحوش يمينًا للإلتفاف حول العربة الأصغر وأخذتهم – والعائلة التي يجرونها – نحو حافة الطريق والمنحدر الحاد أسفل الجبل.
تحطم الحجر في مكان ما عميقًا تحتنا.
عندما وصلت أمسكت بالمانا المحدودة الخاصة بالمياه في الغلاف الجوي وقمت بتكثيفها في جدار قبل أن يسقط الثيران على الجانب، إصطدمت الثيران بالجدار وأجبرهم على السير بشكل مستقيم ليبقيهم على الطريق بينما يتحركون على طول حافته حتى إرتدت العربة عن جدار الماء خلفهم، دفعت كلتا يدي إلى الأمام مرسلة الجدار كموجة عبر الأرض أسفل العربة محولة التراب والحصى إلى وحل كثيف لإيقاف العجلات.
“جارود…؟” سقطت إلى جانبه وضغطت يدي على صدره.
إنزلقت العربة من جانب إلى آخر بينما حاول الثيران شق طريقهم حول العربة التالية في الصف.
“ألقي تعويذة أخرى وستموت” قالت إحدى الشخصيات وصوتها كصوت إمرأة.
إستحضرت جدارًا آخر إلى جانبهم مما منعهم من الإنحراف إلى أقصى اليمين والهبوط من المنحدر المميت.
إنزلقت العربة من جانب إلى آخر بينما حاول الثيران شق طريقهم حول العربة التالية في الصف.
من الواضح ما الذي سيحدث إذا حولت الوحوش الهاربة قافلتنا إلى تدافع كامل.
عندما وصلت أمسكت بالمانا المحدودة الخاصة بالمياه في الغلاف الجوي وقمت بتكثيفها في جدار قبل أن يسقط الثيران على الجانب، إصطدمت الثيران بالجدار وأجبرهم على السير بشكل مستقيم ليبقيهم على الطريق بينما يتحركون على طول حافته حتى إرتدت العربة عن جدار الماء خلفهم، دفعت كلتا يدي إلى الأمام مرسلة الجدار كموجة عبر الأرض أسفل العربة محولة التراب والحصى إلى وحل كثيف لإيقاف العجلات.
جمعت أكبر قدر ممكن من القوة خلف جدار الماء وقمت بتكثيفه في منجل مسقطتا النصل السائل عبر الحزام الذي يربطهم بالعربة، تشقق الخشب والجلد وصرخت الثيران في ذعر ثم قفزت من الطريق في إنسجام تام أسفل سفح الجبل شديد الإنحدار.
“لقد قيل لي ذلك كثيرا” قال جارود الراكع بجانبي.
نظرت بعيدًا غير قادرة على تحمل المنظر الذي أعقب ذلك.
“لا أعتقد أن هذا سيئ” قمت بتطهير حلقي ولكن لم أكن متأكدة مما سأقوله.
إستقرت العربة على مسافة بعيدة عن الطريق ولا يزال صراخ الأطفال المذعورين لاهثين يصدر من داخلها، بقيت عجلاتها عالقة في الوحل الكثيف مستقرة في تلك اللحظة لكنني لم أضيع أي وقت في الإندفاع إلى مؤخرة العربة وتمزيق الغطاء القماشي، حدقت ستة وجوه شاحبة بينما والدهم يكافح للوصول إليهم من الجانب الآخر.
“مرحبًا كاشيري” قلت لها ملوحة قليلاً.
“تعالوا أخرجوا… أخرجوا!” حثهم ولوح لهم.
“ما تقوله” أكدت “تعال دعنا نمنع هؤلاء المساكين من التدافع على سفح الجبل”.
أمسكت فتاتان أكبر سناً بأشقائهما الأصغر بين ذراعيهما وأسرعتا نحوي، سارع الإثنان الآخران للهروب من الأمام وقام والدهما بسحبهما عبر الفتحة.
فوقنا تشبث المتزلجان بالجبل وعربة نصف مدمرة تتدلى تحتهما، بقي السائق مستلقيًا في التراب على بعد عشرة أقدام يعالج مرفقه المصاب بكدمات شديدة ويلعن وحوش المانا.
رغم ذلك تغير الوزن حيث إنزلقت العربة جانبًا في الوحل.
“تعالي هناك الكثير من الناس هنا يتطلعون إلينا للحصول على نوع من القيادة”.
أمسكت بالطفلين الأولين وسحبتهما إلى بر الأمان لكن عندما وصلت إلى الزوج الثاني إنزلقت العربة مرة أخرى وصرخت الطفلة الأكبر منزلقة بينما الأرضية الخشبية تترنح تحتها، هبت عاصفة من الرياح على الجانب العريض من العربة ودفعتها نحوي مرة أخرى حيث إندفعت الفتاة فأمسكتها ورفعتها من سطح العربة إلى الأرض الصلبة.
إبتسمت وكرهت نفسي لذلك.
ركض جارود للأعلى وقام بتوجيه عاصفة الرياح ليدفع العربة ببطء إلى الطريق.
“ليليا هل أنتِ…” أمسك جارود بذراعي ليثبتني ثم إستخدم كمه لمسح بقعة القيء العالق بشفتي وهمس “ماذا سنفعل؟”.
فوقنا تشبث المتزلجان بالجبل وعربة نصف مدمرة تتدلى تحتهما، بقي السائق مستلقيًا في التراب على بعد عشرة أقدام يعالج مرفقه المصاب بكدمات شديدة ويلعن وحوش المانا.
مدعوم من قبل: Youssef Ahmed
إقتربت هالة قاتلة ونظرت لأعلى لأرى فريترا راست ذو الذراع الواحدة يهبط في وسطنا وبحدق ببطء بعينيه العدائيتين “حافظي على شعبك في الطابور يا فتاة”.
تصاعد الضباب الأخضر مما تبقى من الجثث وإجتاح الناجين بحيث لم أستطع الإبتعاد عندما بدأت أجسامهم تذوب مثل الشمع، صرخاتهم المحتضرة تغلي بالصفارة والدم حيث إنسلخ وجه ديان المنمش وشعرها المجعد ليكشف عن الجمجمة تحتها قبل أن تنهار.
تغلب عليّ غضبي وقلقي لذا وقفت أمام العائلة المنكمشة ونظرت إليه بشراسة “مهما كان ما تفعله يبدو وكأنه سوف يسقط الجبل معنا! تعويذاتك أخافت بعض وحوش المانا وهؤلاء الناس تقريبًا…”.
عندما أخذتها ساعدني على الوقوف.
إختنقت من كلماتي بينما نية القتل تلتف حول حلقي مثل قبضة مخالب حتى أن عيناي جحظتا وخدشت رقبتي لكنني لم أستطع التنفس.
بعد صفير منخفض تفتحت دماء مشرقة مثل زهرة على صدر جارود، نظرت إلي بدهشة وإرتباك حيث فتح فمه وأغلقه ثم سقط على الأرض.
إقترب الألكريان “لا تظني أن حاجتنا إليك كبيرة لدرجة تجعلنا على إستعداد لتحمل عدم إحترامنا يا فتاة، ربما تكون بقية هذه المجموعة المثيرة للشفقة أكثر مرونة إذا قمت بنشر أحشائك من أحد أطراف القافلة إلى الطرف الآخر؟”.
جمعت أكبر قدر ممكن من القوة خلف جدار الماء وقمت بتكثيفه في منجل مسقطتا النصل السائل عبر الحزام الذي يربطهم بالعربة، تشقق الخشب والجلد وصرخت الثيران في ذعر ثم قفزت من الطريق في إنسجام تام أسفل سفح الجبل شديد الإنحدار.
“من فضلك هذا يكفي!” صرخ جارود وركض إلى جانبي “نحن نفهم حسنا؟”.
“لا أفهم… لماذا نسلك هذا الطريق الجبلي القديم” قال لاهثاً.
نظر راست إلى جارود بإزدراء ثم طار في الهواء لتتراجع هالته معه.
“من السهل عليك أن تقولي ذلك” صاح جارود ملوحا في وجهي “لم يكن عليك ركوب الوحش أقسم أنني مازلت غير متأكد من أن تانر يعرف كيف يتحكم فيه حقًا”.
غرقت على ركبتي والدموع تنهمر على خدي ثم أخذت نفسًا متسارعًا.
مر بنا عدد قليل من المغامرين الذين يقومون بدور الحراس وكذلك عربة فيها فتاة صغيرة تحدق بيأس على حافة الطريق الجبلي، تحكم جدها في زمام إثنين من المتزلجين الكبار الذين يجرون عربتهم الصغيرة فقد مات والداها أثناء القتال عند الجدار.
“غبي…” شهقت وحركت رأسي لأمسح دموعي بغضب.
“بالتأكيد” أجبت مقلبة التفاحة التي بين يدي على نحو غائب “من الصعب عدم القيام بذلك حتى عندما أعلم أن ذلك لن يساعد في أي شيء” ترددت ثم قابلت عين جارود “ما الذي يدور في ذهنك؟”.
“لقد قيل لي ذلك كثيرا” قال جارود الراكع بجانبي.
أخذت نفسًا عميقًا وتجهزت لإلقاء تعويذة.
“ليس أنت لا ينبغي لي أن…” تحدثت بشكل غير مريح بنصف ضحك ونصف بكاء.
عندما أخذتها ساعدني على الوقوف.
“لا يهم” أكد وهو يمد لي يده.
هناك تمزق صغير في قميصه وتحته ثقب نظيف في لحمه حيث تجمع الدم.
عندما أخذتها ساعدني على الوقوف.
في غضون بضعة أنفاس بدا الأمر كما لو أن الأطياف إختفوا .
“تعالي هناك الكثير من الناس هنا يتطلعون إلينا للحصول على نوع من القيادة”.
– ترجمة : Ozy.
عندما علمت أنه على حق وقفت منتصبة وبذلت قصارى جهدي لإستعادة قواي، ساعدنا المرأة على إطلاق سراح المتزلجين ثم تقدمت عدة عائلات أخرى لإيجاد أماكن للعائلة الكبيرة للإحتماء وإعادة توزيع البضائع الموجودة في عربتهم التي أصبحت عديمة الفائدة الآن. بإفتراض أننا سنغادر هذا الجبل وجدت نفسي أفكر: ولكن ربما يعني ذلك أنه لا يزال لديهم بعض الأمل وإلا فلماذا أهتم؟.
“ليليا هل أنتِ…” أمسك جارود بذراعي ليثبتني ثم إستخدم كمه لمسح بقعة القيء العالق بشفتي وهمس “ماذا سنفعل؟”.
بعد أن شعرنا بتحسن قليل واصلنا أنا وجارود السير على طول الطريق وبذلنا قصارى جهدنا لشرح ما يحدث وتقديم العزاء والتوجيه حيثما كانت هناك حاجة إليه، إستغرق الأمر ما يقرب من ساعتين للوصول إلى نهاية القافلة حيث الساحر ذو الذراع الواحدة يراقب الطريق للتأكد من عدم محاولة أحد الإلتفاف والفرار، في هذه الأثناء إستمر الجبل في الإهتزاز مثل بركان على وشك الإنفجار ولم يقدم لنا خاطفونا أي تفسير إضافي.
أرهقت ساقاي عندما وصلت إلى المنحدر الطويل للمسار الجبلي المتعرج، وضعت يدي على فخذي وإستدرت لأتأمل القافلة الممتدة على سفح الجبل خلفي.
بدأت ريح مريرة تهب على سفح الجبل مما أدى إلى برودة الهواء حتى إنسحب معظم الناس إلى عربات مغطاة للتجمع حول القطع الأثرية الدافئة أو أشعلوا النيران ونصبوا الخيام على قاعدة الجرف الذي يحد الطريق، مع عباءتي المشدودة حول كتفي إبتعدت عن العربة الأخيرة في قافلتنا وبدأت في طريقي إلى أعلى الجبل مع جارود.
شاهدتها بإرتجاف تهبط وسط مذبحة هجومهم والضباب يتلاشى حولها بشعر أسود نفاث وعيون حمراء… وقرون.
“هل تشعرين بذلك؟” سأل عندما توقف ونظر نحو الغرب مستخدماً يده لحماية عينيه من الشمس.
إلتوى جناح النصل بشدة وأصبح طيرانه سريعًا وغير منتظم قبل لحظات فقط من إنطلاق دخان من الضوء الأخضر عبر السماء وضربه من الخلف، خرج فيلكور وتانر عن السيطرة حيث إختفت الصورة الظلية البعيدة لجناح النصل عن الأنظار عندما هبطوا من السماء، ظهرت أربعة شخصيات داكنة بسرعة ومع إقترابهم توسعت نية القتل أمامهم مثل موجة من المانا السوداء الساحقة.
“مستحيل…” تنفست والكلمة ليست أكثر من مجرد أنين.
لم يتردد جارود حيث تبعني مباشرة والرياح تلتف حول ذراعيه وساقيه.
إقتربت توقيعات مانا بنفس قوة توقيعات السحرة الألكريان الذين أخذونا أسرى بسرعة، في غضون لحظات تمكنت من رؤية مجموعة من خمسة أشكال تنطلق بسرعة عبر الهواء نحونا.
“من يتحدث نيابة عنكم؟”.
نهضت بيرهاتا وفارج لمقابلتهما.
‘التنين! ثلاثة تنانين!’.
الوافدون الخمسة الجدد جميعهم ذوو قرون وعيون حمراء تمامًا مثل بيرهاتا ورفاقها وكل واحد منهم على الأقل بقوة ساحر ذو نواة بيضاء…
شعرت بالدموع تتجمع خلف عيني فأغمضتهما بسرعة.
‘تسعة من هذه القوى’ فكرت في فزع ‘كيف يكون هذا الشيء ممكنا حتى؟’.
مر بنا عدد قليل من المغامرين الذين يقومون بدور الحراس وكذلك عربة فيها فتاة صغيرة تحدق بيأس على حافة الطريق الجبلي، تحكم جدها في زمام إثنين من المتزلجين الكبار الذين يجرون عربتهم الصغيرة فقد مات والداها أثناء القتال عند الجدار.
“ربما سيتركوننا نذهب الآن” قال جارود بأمل “إذا حصلوا على ما يريدون فلا يوجد سبب لإيذائنا أليس كذلك؟”.
إنبعث هدير منخفض من حلقه ونظر إليّ بغضب “صمتا لا تقولي شيئًا تحت ألم الموت”.
لم أستطع أن أتفق معه لأن ذهني معلق بالزلزال الذي هز الجبل خلال الساعتين الماضيتين.
إلتوت معدتي مع إقتراب توقيع الأطياف ونيتهم تضربني مثل السوط.
“ربما أستطيع أن أفهم ما يقولونه…” تمتم جارود بينما يلقي تعويذة.
إنبعث هدير منخفض من حلقه ونظر إليّ بغضب “صمتا لا تقولي شيئًا تحت ألم الموت”.
بدا أن نسيمًا خفيفًا تحول ضد الريح الباردة القادمة من الشرق والتي تهب حول جارود فقط.
ركض جارود للأعلى وقام بتوجيه عاصفة الرياح ليدفع العربة ببطء إلى الطريق.
“إنهم الأطياف… أعتقد أن هذا هو الإسم الذي يطلقونه على أنفسهم… من هم الأطياف؟… ذلك الرجل الذي قبضوا عليه هو صاحب السيادة مهما كان معنى ذلك… إنهم ينتظرون أحد أجهزة النقل الآني الخاصة بهم لكن هؤلاء الوافدين الجدد – إنهم يستجيبون لنوع من الإشارة التي أرسلتها بيرهاتا – ليس لديهم جهاز… إنهم يتجادلون الآن ولا….اللعنة…”.
– ليليا هيلستيا :
بعد صفير منخفض تفتحت دماء مشرقة مثل زهرة على صدر جارود، نظرت إلي بدهشة وإرتباك حيث فتح فمه وأغلقه ثم سقط على الأرض.
فوقنا تشبث المتزلجان بالجبل وعربة نصف مدمرة تتدلى تحتهما، بقي السائق مستلقيًا في التراب على بعد عشرة أقدام يعالج مرفقه المصاب بكدمات شديدة ويلعن وحوش المانا.
في مكان ما بدا الصراخ وكأنه إنذار بعيد حيث أصبح موحلًا بسبب دقات نبضي في أذني.
قفزت من الإثارة وأسرعت لإزالة ورق الشمع حيث إتسعت عيناها وتألقت بالإثارة بينما تضع الكراميل المطاطي في فمها.
“جارود…؟” سقطت إلى جانبه وضغطت يدي على صدره.
أرهقت ساقاي عندما وصلت إلى المنحدر الطويل للمسار الجبلي المتعرج، وضعت يدي على فخذي وإستدرت لأتأمل القافلة الممتدة على سفح الجبل خلفي.
هناك تمزق صغير في قميصه وتحته ثقب نظيف في لحمه حيث تجمع الدم.
لوحت بيدي لأسكتها ثم أخفيت إبتسامتي خلف تفاحتي وأخذت قضمة منها ببطء.
وصلت يده إلى خدي ولطخت وجهي بالدم ثم تراجعت ببطء إلى جانبه حيث خرج أنين مؤلم من شفتيه ثم أصبح ساكنًا والضوء يتلاشى من عينيه.
إستحضرت جدارًا آخر إلى جانبهم مما منعهم من الإنحراف إلى أقصى اليمين والهبوط من المنحدر المميت.
كل ما أمكنني فعله هو التحديق برعب في جسد صديقي.
ظل جارود صامتًا لكنه إحتفظ بوجه شجاع من أجل أولئك الذين مروا في القوافل.
وببطء شديد توجهت برأسي نحو المكان الذي حلقت فيه الأطياف فوقنا… لم يكونوا حتى ينظرون…
“جارود…؟” سقطت إلى جانبه وضغطت يدي على صدره.
ظل الناس يتحركون من حولي ويأتون ليروا فقط ثم يتراجعوا عندما أدركوا أن جارود قد مات بالفعل، لكنني لم أستطع أن أرفع عيني عن الأطياف وهم يطيرون بعيدًا ويهبطون بالقرب من مقدمة عربتنا.
نظرت إلى راست من زاوية عيني بينما التنانين تتباطأ وتتحرك نحو الغرب مستكشفة قافلتنا، لم يكن يراقبني بل يختبئ بجوار عربة وعيناه المحتقنتان بالدم مسلطتان على التنانين.
عندها فقط عادت عيناي المليئتان بالدموع إلى جارود.
لم تكن لدي القوة لتبادل الكلمات مع هذا الشيطان من أسوأ كوابيسي لكنه لم يكن يستمع على أي حال فرأسه مرفوع إلى أعلى وأنفه الغريب والمتقرح يستنشق الهواء مثل الوحش.
حدق في وجهي حينها أدركت فجأة أنه على الرغم من أنني محاطة بالناس إلا أنني وحيدة تمامًا، عرفت بعض المغامرين الذين يحرسوننا لكنهم لم يكونوا أصدقائي وقد مات معظمهم في الهجوم الأولي، جميع الأشخاص الذين كنا نساعد في نقلهم غرباء عني تقريبًا وفي أفضل الأحوال أشخاص وجدتهم وساعدتهم على الهروب من زيروس، أبي وأمي على مسافة طويلة فقد ساعدت فانيسي في تنظيم هذه الرحلة ولم تكن هناك حاجة لحضورها شخصيًا…
أخذ جارود وقته في تمزيق قطعة من اللحم المجفف عن اللوح وقضم قضمات صغيرة منها ثم نظر في كل مكان بإستثناء وجهي.
كنت وحدي ولم يكن لدي أي فكرة عما يجب فعله بعد ذلك.
إعتقدت أن كلمة فريترا ليس لها معنى إلا جزئيًا حتى تلك اللحظة.
إلتوت معدتي مع إقتراب توقيع الأطياف ونيتهم تضربني مثل السوط.
“إنهم الأطياف… أعتقد أن هذا هو الإسم الذي يطلقونه على أنفسهم… من هم الأطياف؟… ذلك الرجل الذي قبضوا عليه هو صاحب السيادة مهما كان معنى ذلك… إنهم ينتظرون أحد أجهزة النقل الآني الخاصة بهم لكن هؤلاء الوافدين الجدد – إنهم يستجيبون لنوع من الإشارة التي أرسلتها بيرهاتا – ليس لديهم جهاز… إنهم يتجادلون الآن ولا….اللعنة…”.
الطيف ذو الذراع الواحدة تقدم في إتجاهنا مرة أخرى بإبتسامة فظيعة منحوتة على وجهه المحترق “قالتها بيرهاتا أليس كذلك؟ ألقي تعويذة وستموت… حمقى كل ما عليكم فعله هو الجلوس ساكنين والصمت”.
ركض جارود للأعلى وقام بتوجيه عاصفة الرياح ليدفع العربة ببطء إلى الطريق.
لم تكن لدي القوة لتبادل الكلمات مع هذا الشيطان من أسوأ كوابيسي لكنه لم يكن يستمع على أي حال فرأسه مرفوع إلى أعلى وأنفه الغريب والمتقرح يستنشق الهواء مثل الوحش.
إنزلقت العربة من جانب إلى آخر بينما حاول الثيران شق طريقهم حول العربة التالية في الصف.
إنبعث هدير منخفض من حلقه ونظر إليّ بغضب “صمتا لا تقولي شيئًا تحت ألم الموت”.
سمعت صوتها ينزل على سفح الجبل مرددا صدى مكننا من سماعها حتى من على بعد نصف ميل.
واحدًا تلو الآخر شعرت بأن وجود الأطياف يختفي حتى عندما حدقت في راست فقدت كل إدراك لتوقيع المانا الخانق الخاص به.
“إنهم الأطياف… أعتقد أن هذا هو الإسم الذي يطلقونه على أنفسهم… من هم الأطياف؟… ذلك الرجل الذي قبضوا عليه هو صاحب السيادة مهما كان معنى ذلك… إنهم ينتظرون أحد أجهزة النقل الآني الخاصة بهم لكن هؤلاء الوافدين الجدد – إنهم يستجيبون لنوع من الإشارة التي أرسلتها بيرهاتا – ليس لديهم جهاز… إنهم يتجادلون الآن ولا….اللعنة…”.
في غضون بضعة أنفاس بدا الأمر كما لو أن الأطياف إختفوا .
إبتسمت وكرهت نفسي لذلك.
بشكل أعمى تلمست يدي حتى أغلقت حول ذراع جارود الذي يبرد بالفعل.
“ليس أنت لا ينبغي لي أن…” تحدثت بشكل غير مريح بنصف ضحك ونصف بكاء.
‘ما الذي يجري بحق الجحيم؟’.
عندما لم تلوح لي أخرجت شيئًا من حقيبتي وألقيته لها، شاهدته وهو يطير في الهواء ويهبط على المقعد المجاور لها بتعبير خال.
أجاب إنبثاق بعيد ولكن يقترب بسرعة على سؤالي.
قفزت من الإثارة وأسرعت لإزالة ورق الشمع حيث إتسعت عيناها وتألقت بالإثارة بينما تضع الكراميل المطاطي في فمها.
درت بينما أنا راكعة بجوار جسد جارود وحدقت دون أن أفهم في السماء أين ظهرت ثلاثة أشكال مجنحة ضخمة فوق الجبال وطارت نحونا مباشرة.
مر بنا عدد قليل من المغامرين الذين يقومون بدور الحراس وكذلك عربة فيها فتاة صغيرة تحدق بيأس على حافة الطريق الجبلي، تحكم جدها في زمام إثنين من المتزلجين الكبار الذين يجرون عربتهم الصغيرة فقد مات والداها أثناء القتال عند الجدار.
‘التنين! ثلاثة تنانين!’.
إبتسمت المرأة بتعبير قاسي على وجهها الحاد “جيد لأن هذا هو بالضبط ما نحتاجه الآن” قالت من فوق كتفها “راست توجه إلى مؤخرة القافلة وتأكد من ألا يتحلى أحد بالشجاعة”.
لاهثة إستوعبت رؤيتهم بفارغ الصبر: كائنان جميلان بلون أبيض بلوري مع حراشف بلون أزرق جليدي في أجنحتهما وأشواك لامعة على طول ظهريهما، يقودهما كائن ثالث أسود مثل منتصف الليل ويغلي بنية القتل على عكس أي شيء كنت أتخيله.
***
نظرت إلى راست من زاوية عيني بينما التنانين تتباطأ وتتحرك نحو الغرب مستكشفة قافلتنا، لم يكن يراقبني بل يختبئ بجوار عربة وعيناه المحتقنتان بالدم مسلطتان على التنانين.
هناك تمزق صغير في قميصه وتحته ثقب نظيف في لحمه حيث تجمع الدم.
‘لا’ فكرت يائسة فجأة،
الطيف ذو الذراع الواحدة تقدم في إتجاهنا مرة أخرى بإبتسامة فظيعة منحوتة على وجهه المحترق “قالتها بيرهاتا أليس كذلك؟ ألقي تعويذة وستموت… حمقى كل ما عليكم فعله هو الجلوس ساكنين والصمت”.
أصابعي أصبحت بيضاء حول لحم جارود الميت.
إقتربت توقيعات مانا بنفس قوة توقيعات السحرة الألكريان الذين أخذونا أسرى بسرعة، في غضون لحظات تمكنت من رؤية مجموعة من خمسة أشكال تنطلق بسرعة عبر الهواء نحونا.
‘سيعتقدون أننا مجرد… نحن ولن يدركوا وجود الأطياف هنا لذا سيغادرون!’.
“طفلة مسكينة” قال جارود متنهدا حينما مرت العربة بجواره.
إبتلعت لعابي بشدة وثبت نفسي لما يجب أن أفعله.
كنت وحدي ولم يكن لدي أي فكرة عما يجب فعله بعد ذلك.
الطيف سيقتلني وقد رأيت ذلك بوضوح كما رأيت التنانين في السماء لكنني ميتة منذ اللحظة التي أسقط فيها تانر وجناح النصل…
إقتربت توقيعات مانا بنفس قوة توقيعات السحرة الألكريان الذين أخذونا أسرى بسرعة، في غضون لحظات تمكنت من رؤية مجموعة من خمسة أشكال تنطلق بسرعة عبر الهواء نحونا.
أخذت نفسًا عميقًا وتجهزت لإلقاء تعويذة.
هناك أكثر من 200 شخص في قافلتنا وهم أشخاص مثل كاشيري الذين فقدوا كل شيء تقريبًا والأمل الوحيد لديهم هو الهروب من القرى الأصغر مثل أشبر لأنهم لم يعودوا قادرين على إعالة أنفسهم بعد الحرب، لقد تمزقت العائلات وإستعبد الناس وأخذت ممتلكاتهم منهم أو دمرت وعندما إنتهت الحرب فجأة إفتقرت سابين إلى القيادة والبنية التحتية لإرسال المساعدة أو إعادة البناء، مع عدم عودة عدد لا يحصى من الأمهات والبنات والأبناء والآباء من الحرب لم تتمكن الكثير من العائلات من البقاء على قيد الحياة بعيدًا عن المدن.
–+–
عندما إبتعدت عن عربته التي ربما في منتصف طريق خط العربات والأشخاص الذين يسيرون على الأقدام وهم يتسلقون سفح الجبل إهتزت الأرض تحت قدمي.
– ترجمة : Ozy.
إقتربت هالة قاتلة ونظرت لأعلى لأرى فريترا راست ذو الذراع الواحدة يهبط في وسطنا وبحدق ببطء بعينيه العدائيتين “حافظي على شعبك في الطابور يا فتاة”.
مدعوم من قبل: Youssef Ahmed
فوقنا تشبث المتزلجان بالجبل وعربة نصف مدمرة تتدلى تحتهما، بقي السائق مستلقيًا في التراب على بعد عشرة أقدام يعالج مرفقه المصاب بكدمات شديدة ويلعن وحوش المانا.
لم يكن هناك وقت للتنظيم ولم نتمكن من الإلتفاف أو الركض أو الإختباء فقد إختفت المسافة من الطريق إلى التلال حيث ظهر جناح النصل بينما إنقضت علينا الأشكال في ما بدا وكأنه ثوانٍ.
“من يتحدث نيابة عنكم؟”.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
