You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

الأب الزومبي ١

«أبي، أسمع أصواتًا غريبة من الخارج.»

ثم انتقلت بنظري إلى التقويم المعلق على جدار المطبخ، ولم أتمالك نفسي من التنهد بحسرة عندما رأيت عدد الأيام التي قمت بشطبها بعلامة ”X“.

«أوه، صغيرتي سو يون، لماذا لم تخلدي إلى النوم بعد؟»

منذ بدء هذه الأحداث، فقدت إحساسي بالوقت. باتت أيامي مجردة من الألوان، خالية من أي نشاط يستحق الذكر سوى انتظار قدوم فريق الإنقاذ. قضيتها متسمرًا خلف الستائر، أراقب الخارج بعيون قلقة.

«تلك الأصوات الغريبة… تُخيفني.»

انطلق صراخ مفاجئ، جعلني أقفز من مكاني، وأعادني إلى الواقع. وقفت متوترًا، شاحذًا سمعي لهذا الصوت المفاجئ.

همست سو يون بقلق وهي تقترب مني، تفرك عينيها الصغيرتين من أثر النعاس.

«أبي!»

أثناء نظري إلى ابنتي الصغيرة سو يون، التي بدأت للتو رحلتها في المدرسة الابتدائية، اجتاحتني مشاعر متضاربة من القلق والخوف عليها.

منذ بدء هذه الأحداث، فقدت إحساسي بالوقت. باتت أيامي مجردة من الألوان، خالية من أي نشاط يستحق الذكر سوى انتظار قدوم فريق الإنقاذ. قضيتها متسمرًا خلف الستائر، أراقب الخارج بعيون قلقة.

انحنيت على ركبتي لأقترب منها، ناظرًا مباشرةً إلى عينيها، ثم ربتُّ بلطفٍ على رأسها في محاولة لتهدئتها.

كانت مجرد كلمات يائسة في محاولة لخداعها لتتجاهل هذا الواقع القاسي.

«بابا ليس متأكدًا أيضًا من ماهية تلك الأصوات.»

ظللت أكرر العبارات المطمئنة، لكنني كنت أُدرك أنها مجرد كلمات خاوية من المعنى، تلفظت بها دون أي اعتبار جاد.

«همم… إنها تبدو غريبة.»

أجلست سو يون على الأريكة، وتقدمت بحذر نحو النافذة. رفعت زاوية الستارة قليلًا لأرى ما يحدث في الخارج.

«بابا يشعر بذلك أيضًا. لكن… ما رأيكِ أن تتركي بابا يتحقق منها بينما تعود صغيرتنا سو يون إلى فراشها الدافئ؟»

«همم… إنها تبدو غريبة.»

«لا… أشعر بالخوف عندما أكون وحدي. أريد البقاء مع أبي.»

على بعد حوالي مبنيين، ركضت امرأة بكل ما أوتيت من قوة، حاملةً شيئًا بين ذراعيها. لم أتمكن من رؤية وجهها بوضوح، لكن من خفة وقع أقدامها، أدركت أنها كانت حافية القدمين.

«…»

حدقت في المسافة أمامي، محاولًا التكيف مع الظلام. ومع اعتياد عيناي تدريجيًا على العتمة، بدأت أرى شخصًا يركض من بعيد.

في تلك اللحظة، تعثرت الكلمات في حلقي، عاجزةً عن الوصول إلى شفتيَّ.

وها هو الرجل هناك، كما كان دائمًا، يلوح بذراعيه ذهابًا وإيابًا، غير مكترث بالوقت أو بما يحدث حوله.

في الآونة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام تبث تقارير متزايدة حول انتشار فيروس جديد، يُعتقد أنه يعطل وظائف العقل لدى المصابين؛ فيجردهم من قدرتهم على التحكم في أنفسهم، تاركًا إياهم لنزعاتهم العنيفة.

تقدمت نحوها واحتضنتها بشدة بين ذراعيَّ، محاولًا طمأنتها. عانقتني هي أيضًا بإحكام، دون أن تنبس ببنت شفة، لكنني شعرت بتوترها.

لم يمر يوم دون أن تنطلق التحذيرات في جميع أنحاء المدينة، تحث المواطنين على ضرورة البقاء داخل منازلهم. ومع ذلك، توقفت تلك التحذيرات أيضًا مثل سائر الأمور مع انقطاع الكهرباء.

أجلست سو يون على الأريكة، وتقدمت بحذر نحو النافذة. رفعت زاوية الستارة قليلًا لأرى ما يحدث في الخارج.

ومن ثم، انقلب العالم بأسره رأسًا على عقب.

أثناء نظري إلى ابنتي الصغيرة سو يون، التي بدأت للتو رحلتها في المدرسة الابتدائية، اجتاحتني مشاعر متضاربة من القلق والخوف عليها.

تعالت الصرخات المفزعة كل يوم مئات، إن لم تكن آلاف المرات، تغزو عقول الناجين، وتجبرهم على الهروب بعيدًا إلى أعمق الأماكن وأكثرها ظلمةً.

وبعد لحظات، تعثرت المرأة بحجر وسقطت.

كنت واحدًا من القلة الباقية على قيد الحياة، أترقب بفارغ الصبر مع ابنتي الصغيرة وصول فريق الإنقاذ.

الظلام الدامس في الخارج أثار في داخلي المخاوف البدائية التي كانت منسية منذ زمن. استخدمت النافذة كدرع لي، وأخذت أبحث بعيني في محاولة لتحديد مصدر الصوت.

منذ بدء هذه الأحداث، فقدت إحساسي بالوقت. باتت أيامي مجردة من الألوان، خالية من أي نشاط يستحق الذكر سوى انتظار قدوم فريق الإنقاذ. قضيتها متسمرًا خلف الستائر، أراقب الخارج بعيون قلقة.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

تساءلت في صمت إن كانت غاضبة مني؛ لأنني لم أتمكن من إجابة جميع الأسئلة التي دارت في ذهنها.

«حسنًا، بشأن أمك… سيحاول بابا الاتصال بها.»

‹هل يجب عليَّ مساعدتها؟ لا، ماذا سأحقق بهذا؟ علاوة على ذلك، ماذا لو تورطت ووضعت سو يون في خطر؟›

«أنا أفتقد أمي…»

هناك، وقف رجل منحنيًا، يلوِّح بذراعيه ذهابًا وإيابًا. من الصعب معرفة ما يدور في عقله أو لماذا يتصرف بهذه الطريقة. ظلَّ الرجل مستمرًا في هذا السلوك الغريب لمدة ثلاثة أيام متواصلة.

ظهرت خيبة الأمل جليَّة على وجهها بعد سماع جوابي، بينما بقيت أنا متأملًا في صمت لبضع لحظات.

ليس هناك أمل في توفر خدمة خلوية في مثل هذا الوضع. حتى ونحن في قلب سيول، لم تكن هناك إشارة خلوية؛ لذا لم يكن بمقدوري التواصل معها.

ليس هناك أمل في توفر خدمة خلوية في مثل هذا الوضع. حتى ونحن في قلب سيول، لم تكن هناك إشارة خلوية؛ لذا لم يكن بمقدوري التواصل معها.

منذ بدء هذه الأحداث، فقدت إحساسي بالوقت. باتت أيامي مجردة من الألوان، خالية من أي نشاط يستحق الذكر سوى انتظار قدوم فريق الإنقاذ. قضيتها متسمرًا خلف الستائر، أراقب الخارج بعيون قلقة.

ثم انتقلت بنظري إلى التقويم المعلق على جدار المطبخ، ولم أتمالك نفسي من التنهد بحسرة عندما رأيت عدد الأيام التي قمت بشطبها بعلامة ”X“.

انطلق صراخ مفاجئ، جعلني أقفز من مكاني، وأعادني إلى الواقع. وقفت متوترًا، شاحذًا سمعي لهذا الصوت المفاجئ.

عندما ظهر الفيروس لأول مرة، حاولت جاهدًا منع زوجتي من الذهاب إلى العمل. لكنها، دون أن تأبه لتحذيراتي، غادرت المنزل مرتدية قناعها كعادتها.

في كل مرة يحدث ذلك، لم يكن لدي خيار سوى إغلاق عينيَّ بإحكام، وترك الستائر تنغلق.

وقد مرَّت ثمانية أيام منذ ذلك الحين.

«أوه، صغيرتي سو يون، لماذا لم تخلدي إلى النوم بعد؟»

أصبح الحفاظ على هدوئي وسط الكارثة التي تتكشف أمامنا في الخارج أمرًا بالغ الصعوبة. تلك الصرخات الغريبة التي ترددت في الليل، مرافقةً لصراخ الضحايا… لم تكن صرخات بشرية.

ومن ثم، انقلب العالم بأسره رأسًا على عقب.

بشرية؟ لا، ليس من الصواب حتى أن نسميها كذلك. جاءت تلك الأصوات من مخلوقات تشبه البشر فقط.

ومع ذلك، مهما كان السؤال الذي تطرحه، لم يكن لدي خيار إلا أن أجيب بنفس العبارة:

كان الصوت مشوهًا، وكأن حناجرهم قد تمزقت، أو ربما أشبه بعويلٍ مروعٍ لا يُطاق.

اندفعت نحو النافذة وألقيت نظرة فاحصة.

أجلست سو يون على الأريكة، وتقدمت بحذر نحو النافذة. رفعت زاوية الستارة قليلًا لأرى ما يحدث في الخارج.

مد الطفل يده الصغيرة محاولًا هز والدته.

تغلغل الدخان الرمادي الكثيف من العديد من المباني المقابلة، لكن لم أسمع صوتًا لسيارات الإطفاء. مما يعني أن الاتصال برقم الطوارئ ١١٩ لن يكون له أي جدوى.

نظرت بوجهٍ كئيب نحو الطابق الأرضي خارج المجمع السكني. انعكس أمام ناظري مجموعة من المخلوقات المجهولة تقف عند مدخل المجمع.

نظرت بوجهٍ كئيب نحو الطابق الأرضي خارج المجمع السكني. انعكس أمام ناظري مجموعة من المخلوقات المجهولة تقف عند مدخل المجمع.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

هناك، وقف رجل منحنيًا، يلوِّح بذراعيه ذهابًا وإيابًا. من الصعب معرفة ما يدور في عقله أو لماذا يتصرف بهذه الطريقة. ظلَّ الرجل مستمرًا في هذا السلوك الغريب لمدة ثلاثة أيام متواصلة.

نادَتني سو يون بصوت ضعيف مشوب بالخوف، قاطعةً سلسلة أفكاري.

ثم، أخيرًا، وقعت عيناي على امرأة ملقاة على الأرض بجواره. كانت ساقها اليمنى مفقودة، وجسدها يرتجف على نحوٍ متقطع.

في الواقع، كان الوضع بعيدًا كل البعد عن الأمان. كنت مرعوبًا… حقًا.

‹هل ترتجف من شدة الألم، أم تتوسل طلبًا للمساعدة؟›

كل ما تمنيته بصدق في تلك اللحظة هو أن أستيقظ من هذا الكابوس، أكثر من أي شخص آخر.

ومع ذلك، عندما دققت النظر إليها، لم ألحظ على وجهها أي علامات توحي بالألم أو الاستغاثة. على العكس، حملت عيناها نظرة شوق، وهي تلوِّح بذراعيها ببطء، كما لو كانت تحاول الوصول إلى شيءٍ ما. وفي كل مرة تفعل ذلك، أدركت تمامًا ما حاولت الوصول إليه—

تساءلت في صمت إن كانت غاضبة مني؛ لأنني لم أتمكن من إجابة جميع الأسئلة التي دارت في ذهنها.

كانت تحدق نحو الطابق الخامس، حيث أقف.

ما إن استفقت، حتى استدرت إلى يميني. شعرت بالراحة عندما شعرت بالنفس اللطيف القادم من هذا الجانب.

عندما تلاقت أعيننا، شعرت وكأن قلبي هوى إلى جوفي، واجتاحتني موجة من مشاعر الخوف والرهبة.

«كل شيء سيكون على ما يرام. نحن بأمان. سنكون بخير.»

في كل مرة يحدث ذلك، لم يكن لدي خيار سوى إغلاق عينيَّ بإحكام، وترك الستائر تنغلق.

كنت واحدًا من القلة الباقية على قيد الحياة، أترقب بفارغ الصبر مع ابنتي الصغيرة وصول فريق الإنقاذ.

«أبي!»

رغم فقدانها لتوازنها وسقوطها، لم تفلت من بين ذراعيها الشيء الذي كانت تحتضنه؛ ولذا ارتطم رأسها أولًا بالأرض الصلبة. استلقت بلا حراك، بينما ارتجف الجزء العلوي من جسدها، وكأنها أصيبت بارتجاج. انزلق ما كانت تحمله بين ذراعيها بعيدًا عن قبضتها، ليكشف عن طفل صغير، أصغر من سو يون.

نادَتني سو يون بصوت ضعيف مشوب بالخوف، قاطعةً سلسلة أفكاري.

الظلام الدامس في الخارج أثار في داخلي المخاوف البدائية التي كانت منسية منذ زمن. استخدمت النافذة كدرع لي، وأخذت أبحث بعيني في محاولة لتحديد مصدر الصوت.

تقدمت نحوها واحتضنتها بشدة بين ذراعيَّ، محاولًا طمأنتها. عانقتني هي أيضًا بإحكام، دون أن تنبس ببنت شفة، لكنني شعرت بتوترها.

أصبح الحفاظ على هدوئي وسط الكارثة التي تتكشف أمامنا في الخارج أمرًا بالغ الصعوبة. تلك الصرخات الغريبة التي ترددت في الليل، مرافقةً لصراخ الضحايا… لم تكن صرخات بشرية.

تساءلت في صمت إن كانت غاضبة مني؛ لأنني لم أتمكن من إجابة جميع الأسئلة التي دارت في ذهنها.

صرخ الطفل من الألم وهو يشاهد بعينيه توسُّع الفجوة بين ذراعيه وكتفيه مع كل تمزيق من تلك المخلوقات. كان يصرخ من الخوف والعجز، غير قادر على المقاومة. لم يكن سوى فريسة عاجزة بين أنياب مفترسين بلا رحمة.

ومع ذلك، مهما كان السؤال الذي تطرحه، لم يكن لدي خيار إلا أن أجيب بنفس العبارة:

«كل شيء سيكون على ما يرام. نحن بأمان. سنكون بخير.»

«كل شيء سيكون على ما يرام، بابا هنا.»

حدقت في المسافة أمامي، محاولًا التكيف مع الظلام. ومع اعتياد عيناي تدريجيًا على العتمة، بدأت أرى شخصًا يركض من بعيد.

* * *

كانوا يطاردونها بطريقة مرعبة. تتأرجح أذرعهم بلا حسيب ولا رقيب، وتهتز رؤوسهم بطريقة غير طبيعية، ما كانوا يفعلونه لا يمكن اعتباره ركضًا عاديًا. بل أشبه بمطاردة مروعة لفريسة هاربة.

الشيء التالي الذي أتذكره هو أنني كنت نائمًا على الأريكة.

«أرجوكم! ساعدوني!»

ما إن استفقت، حتى استدرت إلى يميني. شعرت بالراحة عندما شعرت بالنفس اللطيف القادم من هذا الجانب.

‹من أين جاء هذا الصوت؟›

اقتربت من النافذة، ورفعت الستائر قليلًا مرة أخرى.

«كل شيء سيكون على ما يرام، بابا هنا.»

كان الخارج مغمورًا بالظلام الدامس؛ مما خلق منظرًا مشؤومًا حقًا.

ظللت أكرر العبارات المطمئنة، لكنني كنت أُدرك أنها مجرد كلمات خاوية من المعنى، تلفظت بها دون أي اعتبار جاد.

أضواء مصابيح الشوارع، والنوافذ الساطعة التي أضاءت المجمعات السكنية في كل طابق، والسيارات التي سارت على طول الطرق… لم أعد أرى أيٍ من هذه الأشياء في أي مكان.

عدت إلى الأريكة وشفتي مضغوطة، حيث نامت سو يون بسلام، كطفلة رضيعة. ربتُّ على رأسها بحنان، وهمست في أذنها:

نقلت بصري نحو مدخل المجمع السكني، ولا تزال تلك المخلوقات المجهولة تقبع في مكانها، تواصل تكرار نفس السلوك الغريب.

تغلغل الدخان الرمادي الكثيف من العديد من المباني المقابلة، لكن لم أسمع صوتًا لسيارات الإطفاء. مما يعني أن الاتصال برقم الطوارئ ١١٩ لن يكون له أي جدوى.

وها هو الرجل هناك، كما كان دائمًا، يلوح بذراعيه ذهابًا وإيابًا، غير مكترث بالوقت أو بما يحدث حوله.

أصبح الحفاظ على هدوئي وسط الكارثة التي تتكشف أمامنا في الخارج أمرًا بالغ الصعوبة. تلك الصرخات الغريبة التي ترددت في الليل، مرافقةً لصراخ الضحايا… لم تكن صرخات بشرية.

تنهدت بعمق، خافضًا رأسي، متسائلًا إلى متى سيستمر كل هذا؟ وكم من الوقت يجب أن أظل منتظرًا حتى يصل فريق الإنقاذ؟ بدا لي هذا الانتظار وكأنه أمر ميؤوس منه.

صوت الطفل العذب جعل عقلي يدور في دوامة.

عدت إلى الأريكة وشفتي مضغوطة، حيث نامت سو يون بسلام، كطفلة رضيعة. ربتُّ على رأسها بحنان، وهمست في أذنها:

ثم انتقلت بنظري إلى التقويم المعلق على جدار المطبخ، ولم أتمالك نفسي من التنهد بحسرة عندما رأيت عدد الأيام التي قمت بشطبها بعلامة ”X“.

«لا تقلقي، كل شيء سيكون على ما يرام.»

أصبح الحفاظ على هدوئي وسط الكارثة التي تتكشف أمامنا في الخارج أمرًا بالغ الصعوبة. تلك الصرخات الغريبة التي ترددت في الليل، مرافقةً لصراخ الضحايا… لم تكن صرخات بشرية.

كانت مجرد كلمات يائسة في محاولة لخداعها لتتجاهل هذا الواقع القاسي.

نادَتني سو يون بصوت ضعيف مشوب بالخوف، قاطعةً سلسلة أفكاري.

وفجأة—

لم يمر يوم دون أن تنطلق التحذيرات في جميع أنحاء المدينة، تحث المواطنين على ضرورة البقاء داخل منازلهم. ومع ذلك، توقفت تلك التحذيرات أيضًا مثل سائر الأمور مع انقطاع الكهرباء.

«ساعدوني، أرجوكم ساعدوني!»

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

انطلق صراخ مفاجئ، جعلني أقفز من مكاني، وأعادني إلى الواقع. وقفت متوترًا، شاحذًا سمعي لهذا الصوت المفاجئ.

ليس هناك أمل في توفر خدمة خلوية في مثل هذا الوضع. حتى ونحن في قلب سيول، لم تكن هناك إشارة خلوية؛ لذا لم يكن بمقدوري التواصل معها.

‹من أين جاء هذا الصوت؟›

«أرجوكم! ساعدوني!»

كان صوت امرأة، لكنه لم يكن قريبًا. بل بدا وكأنه صدى يخترق الظلام الكثيف الذي يغمر الخارج.

تعالت الصرخات المفزعة كل يوم مئات، إن لم تكن آلاف المرات، تغزو عقول الناجين، وتجبرهم على الهروب بعيدًا إلى أعمق الأماكن وأكثرها ظلمةً.

اندفعت نحو النافذة وألقيت نظرة فاحصة.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

الظلام الدامس في الخارج أثار في داخلي المخاوف البدائية التي كانت منسية منذ زمن. استخدمت النافذة كدرع لي، وأخذت أبحث بعيني في محاولة لتحديد مصدر الصوت.

في الآونة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام تبث تقارير متزايدة حول انتشار فيروس جديد، يُعتقد أنه يعطل وظائف العقل لدى المصابين؛ فيجردهم من قدرتهم على التحكم في أنفسهم، تاركًا إياهم لنزعاتهم العنيفة.

حدقت في المسافة أمامي، محاولًا التكيف مع الظلام. ومع اعتياد عيناي تدريجيًا على العتمة، بدأت أرى شخصًا يركض من بعيد.

تساقطت الدموع بصمت على وجهي.

على بعد حوالي مبنيين، ركضت امرأة بكل ما أوتيت من قوة، حاملةً شيئًا بين ذراعيها. لم أتمكن من رؤية وجهها بوضوح، لكن من خفة وقع أقدامها، أدركت أنها كانت حافية القدمين.

لكن لم يكن ذلك كافيًا، وبدأت في النحيب. ضغطت بيدي اليمنى بقوة على فمها، وأخذت أدعو ألا تُسمع صرخاتها.

«ساعدوني! أرجوكم!»

في الآونة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام تبث تقارير متزايدة حول انتشار فيروس جديد، يُعتقد أنه يعطل وظائف العقل لدى المصابين؛ فيجردهم من قدرتهم على التحكم في أنفسهم، تاركًا إياهم لنزعاتهم العنيفة.

تحول صراخها تدريجيًا إلى عويل عالٍ، كانت تصرخ بأعلى صوتها كما لو أنها تتشبث بحياتها الغالية. ومع ذلك، لم يأتِ أحد لمساعدتها.

نظرت إلى سو يون التي لا تزال نائمة بسلام. لم أستطع المخاطرة بحياتها لإنقاذ شخص لا أعرفه.

لست مختلفًا عنهم، حيث تجمدت في مكاني كتمثال حجري، غير قادر على فعل أي شيء سوى مراقبة تحركاتها بعيني. خلفها، رأيت مجموعة من المخلوقات المجهولة تلاحقها بخطوات متقطعة.

لست مختلفًا عنهم، حيث تجمدت في مكاني كتمثال حجري، غير قادر على فعل أي شيء سوى مراقبة تحركاتها بعيني. خلفها، رأيت مجموعة من المخلوقات المجهولة تلاحقها بخطوات متقطعة.

كانوا يطاردونها بطريقة مرعبة. تتأرجح أذرعهم بلا حسيب ولا رقيب، وتهتز رؤوسهم بطريقة غير طبيعية، ما كانوا يفعلونه لا يمكن اعتباره ركضًا عاديًا. بل أشبه بمطاردة مروعة لفريسة هاربة.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

بمجرد رؤية ما يجري، شعرت برعشة تسري في عمودي الفقري، مضاعفةً مخاوفي.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

لم يتحركوا كالبشر، وبدا وكأنهم يائسون لسد المسافة التي تفصلهم عن المرأة الهاربة.

«كل شيء سيكون على ما يرام، بابا هنا.»

«أرجوكم! ساعدوني!»

غطيت فمها بيدي وأنا أتمتم بصوت مرتعش: «لا بأس، كل شيء سيكون على ما يرام.»

كانت صرختها مختنقة ومليئة باليأس. وبينما كنت مذهولًا من هذا المشهد، بدأ عقلي في العمل بسرعة.

غطيت فمها بيدي وأنا أتمتم بصوت مرتعش: «لا بأس، كل شيء سيكون على ما يرام.»

‹هل يجب عليَّ مساعدتها؟ لا، ماذا سأحقق بهذا؟ علاوة على ذلك، ماذا لو تورطت ووضعت سو يون في خطر؟›

صوت الطفل العذب جعل عقلي يدور في دوامة.

نظرت إلى سو يون التي لا تزال نائمة بسلام. لم أستطع المخاطرة بحياتها لإنقاذ شخص لا أعرفه.

«كل شيء سيكون على ما يرام. نحن بأمان. سنكون بخير.»

«عليَّ حماية سو يون. أرجوكم، أرجوكم، ليقم أحدهم بإنقاذ تلك المرأة المسكينة… وينقذني أنا وسو يون أيضًا.»

ظللت أكرر العبارات المطمئنة، لكنني كنت أُدرك أنها مجرد كلمات خاوية من المعنى، تلفظت بها دون أي اعتبار جاد.

أغمضت عينيَّ وقلبي يغمره التمني، متوجهًا به إلى قوةٍ لا يمكن للواقع أن يجسِّدها.

تساءلت في صمت إن كانت غاضبة مني؛ لأنني لم أتمكن من إجابة جميع الأسئلة التي دارت في ذهنها.

وبعد لحظات، تعثرت المرأة بحجر وسقطت.

ظهرت خيبة الأمل جليَّة على وجهها بعد سماع جوابي، بينما بقيت أنا متأملًا في صمت لبضع لحظات.

«انهضي، انهضي…»

في تلك اللحظة، تعثرت الكلمات في حلقي، عاجزةً عن الوصول إلى شفتيَّ.

همست لنفسي من بين أسناني المطبقة، محاولًا تشجيعها على مواصلة الهرب.

عندما ظهر الفيروس لأول مرة، حاولت جاهدًا منع زوجتي من الذهاب إلى العمل. لكنها، دون أن تأبه لتحذيراتي، غادرت المنزل مرتدية قناعها كعادتها.

أحكمت قبضتي على قماش الستائر، وتنفسي يزداد خشونة وعمقًا، فيما ارتعشت ذراعيَّ على نحوٍ ملحوظ. اقتربت تلك المخلوقات المجهولة من المرأة المستلقية على الأرض أكثر فأكثر. شعرت برعبها كأنني أنا مَن يقبع في وسط الشارع، وليس هي.

همست سو يون بقلق وهي تقترب مني، تفرك عينيها الصغيرتين من أثر النعاس.

رغم فقدانها لتوازنها وسقوطها، لم تفلت من بين ذراعيها الشيء الذي كانت تحتضنه؛ ولذا ارتطم رأسها أولًا بالأرض الصلبة. استلقت بلا حراك، بينما ارتجف الجزء العلوي من جسدها، وكأنها أصيبت بارتجاج. انزلق ما كانت تحمله بين ذراعيها بعيدًا عن قبضتها، ليكشف عن طفل صغير، أصغر من سو يون.

أحكمت قبضتي على قماش الستائر، وتنفسي يزداد خشونة وعمقًا، فيما ارتعشت ذراعيَّ على نحوٍ ملحوظ. اقتربت تلك المخلوقات المجهولة من المرأة المستلقية على الأرض أكثر فأكثر. شعرت برعبها كأنني أنا مَن يقبع في وسط الشارع، وليس هي.

مد الطفل يده الصغيرة محاولًا هز والدته.

ثم، أخيرًا، وقعت عيناي على امرأة ملقاة على الأرض بجواره. كانت ساقها اليمنى مفقودة، وجسدها يرتجف على نحوٍ متقطع.

صوت الطفل العذب جعل عقلي يدور في دوامة.

لم أستطع سوى أن أضع يدي على فمي، وأكبح الأنين الذي حاول الخروج. اجتاحتني موجة من الخوف والذهول، جعلتني أرتعش بلا سيطرة.

«أمي… أمي…»

عندما ظهر الفيروس لأول مرة، حاولت جاهدًا منع زوجتي من الذهاب إلى العمل. لكنها، دون أن تأبه لتحذيراتي، غادرت المنزل مرتدية قناعها كعادتها.

تردد أنينه في أنحاء المدينة، قاطعًا سكون الليل. وفي لمح البصر، انقضت تلك المخلوقات المجهولة عليهما. غطيت فمي بكلتا يدي، غير قادر على تحويل بصري عن المشهد الرهيب.

وها هو الرجل هناك، كما كان دائمًا، يلوح بذراعيه ذهابًا وإيابًا، غير مكترث بالوقت أو بما يحدث حوله.

لم يكن بوسعي فعل شيء سوى مراقبة هذا الكابوس يتكشف أمام عينيَّ. أردت أن أغض الطرف، أن أنأى بنفسي عن هذا الرعب، لكن جسدي المتجمد لم يطاوعني. كانت لحظة ملؤها الرعب والقسوة واليأس المطلق. حتى الكلمات تعجز عن وصف الشعور الذي اجتاحني في تلك اللحظة.

بشرية؟ لا، ليس من الصواب حتى أن نسميها كذلك. جاءت تلك الأصوات من مخلوقات تشبه البشر فقط.

نحن البشر، الذين كنا نقف على قمة السلسلة الغذائية ونتباهى حتى بأننا خارجها… كانت هذه لحظة لم يعد لأيٍّ من ذلك أهمية.

اندفعت نحو النافذة وألقيت نظرة فاحصة.

تساقطت الدموع بصمت على وجهي.

تعالت الصرخات المفزعة كل يوم مئات، إن لم تكن آلاف المرات، تغزو عقول الناجين، وتجبرهم على الهروب بعيدًا إلى أعمق الأماكن وأكثرها ظلمةً.

لم أستطع سوى أن أضع يدي على فمي، وأكبح الأنين الذي حاول الخروج. اجتاحتني موجة من الخوف والذهول، جعلتني أرتعش بلا سيطرة.

بشرية؟ لا، ليس من الصواب حتى أن نسميها كذلك. جاءت تلك الأصوات من مخلوقات تشبه البشر فقط.

تلك المخلوقات التي كانت تشبه البشر… التهمت البشر. المرأة وطفلها كانا يُلتهمان أحياءً.

ومع ذلك، عندما دققت النظر إليها، لم ألحظ على وجهها أي علامات توحي بالألم أو الاستغاثة. على العكس، حملت عيناها نظرة شوق، وهي تلوِّح بذراعيها ببطء، كما لو كانت تحاول الوصول إلى شيءٍ ما. وفي كل مرة تفعل ذلك، أدركت تمامًا ما حاولت الوصول إليه—

صرخ الطفل من الألم وهو يشاهد بعينيه توسُّع الفجوة بين ذراعيه وكتفيه مع كل تمزيق من تلك المخلوقات. كان يصرخ من الخوف والعجز، غير قادر على المقاومة. لم يكن سوى فريسة عاجزة بين أنياب مفترسين بلا رحمة.

أثناء نظري إلى ابنتي الصغيرة سو يون، التي بدأت للتو رحلتها في المدرسة الابتدائية، اجتاحتني مشاعر متضاربة من القلق والخوف عليها.

أما أنا، فكنت هنا، أشاهد كل ذلك دون القدرة على فعل شيء…

«…»

شعرت بعجزٍ شديد، وانحلت قواي وسقطت على الأرض. الصوت أيقظ سو يون، التي جاءت نحوي وهي تفرك عينيها بنعاس.

نقلت بصري نحو مدخل المجمع السكني، ولا تزال تلك المخلوقات المجهولة تقبع في مكانها، تواصل تكرار نفس السلوك الغريب.

«أبي…؟»

‹هل ترتجف من شدة الألم، أم تتوسل طلبًا للمساعدة؟›

سرعان ما لففت ذراعي حولها، وغطيت عينيها. نظرت إليَّ بحيرة. حملتها بين ذراعي، وزحفت بها تحت طاولة الطعام. عندما نظرت في عينيَّ المحتقنتين بالدموع، بدا الانزعاج على وجهها، وكأنها على وشك البكاء.

أثناء نظري إلى ابنتي الصغيرة سو يون، التي بدأت للتو رحلتها في المدرسة الابتدائية، اجتاحتني مشاعر متضاربة من القلق والخوف عليها.

غطيت فمها بيدي وأنا أتمتم بصوت مرتعش: «لا بأس، كل شيء سيكون على ما يرام.»

انحنيت على ركبتي لأقترب منها، ناظرًا مباشرةً إلى عينيها، ثم ربتُّ بلطفٍ على رأسها في محاولة لتهدئتها.

لكن لم يكن ذلك كافيًا، وبدأت في النحيب. ضغطت بيدي اليمنى بقوة على فمها، وأخذت أدعو ألا تُسمع صرخاتها.

نادَتني سو يون بصوت ضعيف مشوب بالخوف، قاطعةً سلسلة أفكاري.

عضضت شفتي السفلى، وبذلت قصارى جهدي لأتوقف عن الارتعاش.

ظللت أكرر العبارات المطمئنة، لكنني كنت أُدرك أنها مجرد كلمات خاوية من المعنى، تلفظت بها دون أي اعتبار جاد.

‹توقف عن الارتعاش، اهدأ.›

سرعان ما لففت ذراعي حولها، وغطيت عينيها. نظرت إليَّ بحيرة. حملتها بين ذراعي، وزحفت بها تحت طاولة الطعام. عندما نظرت في عينيَّ المحتقنتين بالدموع، بدا الانزعاج على وجهها، وكأنها على وشك البكاء.

ظللت أردد نفس العبارة مرارًا وتكرارًا، كما لو كنت مسلوب الإرادة، لكن جسدي، المغمور بالخوف لم يستجب.

في تلك اللحظة، عبثت سو يون بأصابعها ببراءة وسألت بلهفة: «متى ستعود أمي؟»

«كل شيء سيكون على ما يرام. نحن بأمان. سنكون بخير.»

الظلام الدامس في الخارج أثار في داخلي المخاوف البدائية التي كانت منسية منذ زمن. استخدمت النافذة كدرع لي، وأخذت أبحث بعيني في محاولة لتحديد مصدر الصوت.

ظللت أكرر العبارات المطمئنة، لكنني كنت أُدرك أنها مجرد كلمات خاوية من المعنى، تلفظت بها دون أي اعتبار جاد.

وقد مرَّت ثمانية أيام منذ ذلك الحين.

في الواقع، كان الوضع بعيدًا كل البعد عن الأمان. كنت مرعوبًا… حقًا.

اندفعت نحو النافذة وألقيت نظرة فاحصة.

كل ما تمنيته بصدق في تلك اللحظة هو أن أستيقظ من هذا الكابوس، أكثر من أي شخص آخر.

تغلغل الدخان الرمادي الكثيف من العديد من المباني المقابلة، لكن لم أسمع صوتًا لسيارات الإطفاء. مما يعني أن الاتصال برقم الطوارئ ١١٩ لن يكون له أي جدوى.

ثم، أخيرًا، وقعت عيناي على امرأة ملقاة على الأرض بجواره. كانت ساقها اليمنى مفقودة، وجسدها يرتجف على نحوٍ متقطع.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط